ليست بالمعلومة الغريبة ولا الجديدة أن يخبرك احد الاشخاص بأن الصحف لم تعد وسائل جاذبة للمتابعين والقراء، او ان معدلات قراءة ومتابعة الصحف اصبحت في أدنى مستوياتها، والاحصاءات في ذلك عديدة! بحث سريع على قوقل كفيل بأن يخبرك بالعديد من الحقائق الصادمة عن تدهور الوضع المالي للصحف على مستوى العالم بسبب ضعف الاقبال عليها! لدرجة أن كبار الصحف أصبحت تستجدي المعونات لكي لا تغلق ابوابها وتسرح موظفيها – الذين طالت العديد منهم قرارات التسريح من العمل بسبب قلة الايرادات المالية-. من يكابر ويحاول انكار هذه الحقيقة، هو كمن يحاول ان يغطي الشمس بغربال!
يمكننا القول مجازاً بأن المواقع الاخبارية المتعددة ومنصات التواصل الاجتماعي بالتحديد هي من ”قتلت التألق الذي كانت تحظى به الصحافة“ على مدى العقود بل والقرون الماضية! وإن أردنا أنكون منصفين أكثر، بدأت مؤشرات أفول نجم الصحافة التقليدية مع بروز عصر الانترنت في بداية تسعينات القرن الماضي، حين بدأت العديد من المواقع الالكترونية في ذلك الوقت بعرض الاخبار والمعلومات على صفحاتها الرقمية وبشكل مجاني، وبدأ التنافس يشتد بين الجميع بما فيهم الصحف على التواجد على الشبكة العنكبوتية. ومع مرور الوقت، والتقدم الكبير للتقنية وبروز الافكار الجديدة، ظهرت مايعرف بمنصات التواصل الاجتماعي المختلفة والمتنوعة وأصبحنا نرى تنوع في المواقع وسيل جارف من المحتوى الذي ليس له نهاية، بل ويتم تحديثه بشكل لحظي وعلى مدار الساعة!
مع الازدياد الهائل في عدد المواقع الإلكترونية، أصبح الافراد العاديون قادرين على إنشاء مواقع ومنصات إلكترونية قد تتفوق على المواقع التي تملكها الحكومات والشركات الكبرى. في عصر الانترنت، لم تعد السلطة للحكومات او الشركات في السيطرة على المواقع الالكترونية، فالجميع بإستطاعته الابداع والابتكار وبناء المواقع الالكترونية التي تقدم المنتجات والخدمات والمعلومات وبأقل التكاليف. هذا ماتحدث عنه بالتحديد إلكس أوهنيان (Alexis Ohanian) مؤلف كتاب (بدون إذنهم – Without Their Permission)، وهو الشريك المؤسس لمنصة التواصل الشهيرة ريدت (Reddit.com)، والذي تحدث في كتابه آنف الذكر عن كيف مكنت الانترنت الاشخاص المبدعين من العمل والانتاج وبناء مواقع إلكترونية ساعدت في تأسيس تجارة تعود بالربح على أصحابها ليس فقط بمئات الملايين بل بمليارات الدولارات! وعلى حسب كلام السيد إليكس أوهنيان، بأن ذلك كله لم يكن ليحدث لولا وجود الانترنت، حيث أن العصر الذي سبق الانترنت كان يتطلب العديد من الموافقات والشروط والمعايير الحكومية او من الشركات الكبرى لكي يتمكن أي شخص من تأسيس تجارة لا يعلم أيربح منها ام يخسر!
تاريخياً، تربعت الصحافة ولمدة طويلة من الزمن على عرش وسائل الاعلام، وكانت من أهم المصادر التي يلجئ لها أفراد المجتمع بكافة أطيافهم للحصول على الأخبار والمستجدات والمعرفة والمعلومات في كل المجالات (علوم وآداب وفنون ورياضة وغيرها)، حتى انها كانت توفر التسلية والترفيه لمتابعيها من خلال عرض كل مايتعلق بالترفيه من اخبار ومستجدات او من خلال ادراج العديد من الالعاب والالغاز على صفحاتها. كما أنها كانت المصدر الاهم للإعلانات بكافة انواعها، ومنها تجني الصحف الارباح الهائلة – مثلما تجني شركة قوقل اليوم مليارات الدولارات من الاعلانات التي تعرضها على محركات البحث وهي ماتسمى (اعلانات قوقل – Google Ads). في ايام عز الصحافة الورقية، ان أردت أن تعلن في صفحة بارزة في احدى الصحف المشهورة، فيجب عليك الانتظار لعدة ايام وربما لعدة اسابيع او أشهر (أو تبحث لك عن شخص تربطه علاقة جيدة برئاسة تحرير الصحيفة او القسم المسؤول عن التسويق فيها حتى ياخذ بيدك ويقفز بك من آخر طوابير الانتطار الخاصة بالمعلنين ويضعك في بدايتها!)، وذلك لأن قائمة المعلنين طويلة، هذا كله مع تحملك لمبلغ الاعلان الكبير والمبالغ فيه احياناً، وهو مشابه لما يفعله مشاهير السوشال ميديا اليوم عندما يطلبون المبالغ الكبيرة مقابل اعلان واحد فقط! ولكن هذه هي حقيقة الاعلانات دائماً، كلما إرتفع عدد المشاهدات والوصول للفئة المستهدفة، كلما زاد السعر بل وتجاوز المنطق أحياناً، ولكن هذا هو حال السوق، بين مدٍ وجزر، يحكمه عدد المتابعين دائماً.
في العقود الماضية، كانت الصحافة هي من تصنع المشاهير، مثلما تصنع منصات التواصل الاجتماعي (مثل توتير ”اكس حالياً“ وسناب تشات وتيك توك) المشاهير اليوم، حيث ان خروجك قبل اربع عقود في لقاء صفحي او كتابتك لعامود او تقرير في احدى الصحف التي يتابعها الملايين كفيل بأن يجعل منك نجماً في مجتمعك ذلك الوقت. كان من يكتب في الصحافة في أيامها الذهبية، يعتبر من عُلية القوم وأكثرهم ثقافةً ومكانةً. كان من الصعب حينها أن تجد لك نافذةً ثابتة في أي صحيفة – خصوصاً الصحف المشهورة -. لكن وكما تقول العرب في المثل الشهير: (دوام الحال من المحال)!
نكتفي عند هذا الحد من الوقوف على الأطلال ولملمت الجِراح، حيث أن مثل هذه الذكريات موجعة للجيل الذهبي المتعلق والمتيم بالصحافة التقليدية حتى هذا اليوم! وخصوصاً من كان او مازال يعمل او يتعامل مع الصحف!
ولكن بعد كل هذا التدهور في الوضع الاقتصادي للصحف الناجم عن قلة عدد المتابعين وتوجههم لمنصات ومواقع إلكترونية أخرى، هل يمكن ان نعيد الحياة او الوهج للصحافة ونجعلها نابضةً بالحياة مرةً أخرى!؟
في اعتقادي المتواضع: الاجابة ”نعم نستطيع“، هو في الواقع ليس اعتقاد، بل يرقى ليكون ”إيمان“ بأن الصحافة ممكن أن تعود لأفضل مما كانت عليه! ولكن ليست بالطريقة التقليدية، وإنما بمفهوم جديد وثقافة جديدة! يكون اساسها المشاركة والتفاعل وليس المتابعة والاطلاع فقط!
لو سالنا أنفسنا السؤال التالي البسيط: ماهو سبب شعبية الصحف قديماً؟ ولنكن صادقين وشفافين بالاجابة: بالطبع ليست جودة المحتوى ولا نوعية الاشخاص الذين كانت تبرزهم الصحافة، وانما كانت الصحف هي النافذة الوحيدة – خصوصاً قبل اختراع التلفاز والراديو – التي يستطيع المتابع من خلالها معرفة اخبار العالم والاطلاع على كل جديد بكافة المجالات. أيضاً، من خلالها يستطيع الناس معرفة الفرص الوظيفية والتجارية والمنتجات والخدمات المختلفة في المجتمع! ثم بدأ انتشار التلفاز والراديو وتوجهت أعداد من المتابعين لهذين النوعين الجديدين في ذلك الوقت من الإعلام، ولكن لم تتأثر الصحافة بشكل كبير، وذلك لأن كل تلك الوسائل كانت تتشارك تقريباً نفس مصادر المعلومات والأخبار والمعرفة، وسرعة انتشار الخبر بينها كانت متقاربة!
أسباب تدهور وضع الصحافة التقليدية:
مع تطور التكنولوجيا وانتشار المواقع والمنصات الرقمية شهدت الصحافة هبوط حاد في الايرادات المالية نتيجة تحول وجهت المتابعين لمنصات ومواقع أخرى، وقلة اعداد من يبحثون عن الصحف الورقية. وكما يقول المثل العامي (مازاد الطين بلَّه!) في موضوع تدهور وضع الصحافة التقليدية هو صعود نجم منصات التواصل الاجتماعي والتي اصبحت تعج بمئات بل مليارات المستخدمين، وتنقل كل انواع الاخبار والمعرفة وفي كافة المجالات، وتنوع المحتوى بشكل كبير بين مفيد وغير مفيد! على أي حال، قد يكون هنالك العديد من الاسباب التي أدت إلى تدهور وضع الصحافة، ولكن من اهمها:
- وفرة المعلومات وسهولة الحصول عليها: لم تعد الصحف هي المكان الوحيد الذي يوفر المعلومة او يقدم المعرفة او يعرض الاعلانات بشتى انواعها. اليوم، توجد ملايين المواقع والمنصات التي تقدم الاخبار بالمجان وبشكل لحظي، بل تزود المتابع بتقارير وتحليلات يقدمها ويعرضها أشهر المختصين والخبراء بمجالاتهم! اما الصحف، حتى مع تغير سياسة النشر فيها واعتمادها للنشر السريع خصوصاً على مواقعها الالكترونية إلا أنها مازالت لا تستطيع منافسة بعض الحسابات الاخبارية الخاصة في سرعة نقل الخبر او حتى الوصول لمصادر المعلومات! كذلك، هناك عدد ضخم وغير منتهي من المواقع التي تقدم جميع ماتفكر به من خدمات ومنتجات، وكل مايتعلق بها من دعاية واعلان! الانسان بطبيعته لا يريد صرف اي مبلغ مالي مادام يمكنه الحصول على مايريد بشكل مجاني، هذه طبيعة بشرية لا يمكن تغييرها!
- واجهات مستخدم غير مرنة ولاتعطي تجربة سلسه تضمن تفاعل المستخدمين: هل واجهات أغلب الصحف (User Interface) تم تصميمها بشكل مرن يسهل من تفاعل القارئ او المتابع لما تنشره من معلومات!؟ ادعوك للإطلاع على عدد كبير من الصحف المحلية والعربية وحتى الاجنبية، ماستجده وتصل إليه من حقيقة أن أغلب مواقع الصحف لا تشجع على التفاعل، ولاتوفر تجربة استخدام مرنة، فهي مزدحمه بالصور والمعلومات، التي تنفر المتابع من مواصلة القراءة والاطلاع او حتى التفكير في التعليق والمشاركة!
- التفاعل والمشاركة: أحد أبرز العوامل التي تفوقت فيها منصات التواصل على المواقع الالكترونية للصحف هي فكرة التفاعل والمشاركة والتعليق. ادعوك لأخذ جوله سريعه في اشهر منصات التواصل الاجتماعي، ومن ثم بعدها توجه للمواقع الالكترونية للصحف، حينها قم بعمل مقارنة حول موضوع تفاعل المتابعين ومشاركتهم لما يطرح في مواقع الصحف والمنصات الاخرى. ستصل لنتيجة مؤكدة وهي ان التفاعل في موقع الصحف يكاد يكون منعدم في أغلب الصحف. سيقول البعض، لكن تلك من اسمها ”منصات تواصل اجتماعي“ وهذه صحف، لذا المقارنة غير عادلة! نظرياً، قد نتفق على ذلك، ولكن هذه صحافة تقدم اخبار وتقارير ومعلومات، وهي منصات مفتوحة متاحة للعامة وللناس جميعاً، ويفترض ان يكون هناك نوع من التفاعل مع المحتوى او مشاركة، ولكن لماذا التفاعل والمشاركة تغيب بشكل كبير في مواقع الصحف!؟ حتى ان بعضها تبدو مهجورة!
- غياب الاعلانات ذات العوائد المالية المربحة: طبعاً هذا السبب قد يكون هو اهم اسباب تدهور الصحافة التقليدية، حيث هاجر المعلنين منذ عدة سنوات للمواقع والمنصات التي تشهد كثافة بشرية، وذلك لسبب بسيط، وهو ان تلك المنصات أصبحت هي الجهات الاكثر جاذبية للمعلنين والتي يسيل لها لعابهم. إعلان واحد عند احد مشاهير السوشال ميديا – الذي يصل عدد متابعيه لملايين الاشخاص – قد يرفع إيرادات المعلن ملايين الريالات! لذا، مالذي يجعل المعلن يتمسك بالاعلان لدى صحيفة لايرتاد موقعها غالباً إلا الكتُاب وجماهيرهم الوفية! وهؤلاء ليسوا بالعديد الكبير والمغري للمعلنين!
ماهو الحل اذاً؟
العديد من الاشخاص خصوصاً من يعملون في الوسط الصحفي والاعلامي، قد بدأ يدب فيهم فقدان الأمل (ان لم يكونوا كذلك من سنين) حول موضوع عودة الصحافة لتألقها وحيويتها. هذا الشعور من الاحباط تغلغل لنفوسهم عبر سنوات طويلة من التجارب التي كان فيها احياناً ارتفاع لأسهم الصحافة وفي احيان اخرى هبوط حاد. على المستوى الشخصي، أؤمن بأن الصحافة ستعود إن عاد لها جماهير القراء وبأعداد كبيرة – والجماهير هنا لا اقصد بهم جماهير معشر الكُتاب فقط (هولاء هم جزء مهم من الجماهير ولكنهم ليسوا الوحيدين)، بل الجماهير الغفيرة والتي لها شغف بالاخبار والتقارير والاحداث والمناسبات والفعاليات وغيرها. هذه العودة للجماهير تحتاج تعديلات عديدة على مفهوم المواقع الالكترونية للصحف، ولعلي أوجزها بالنقاط التالية:
- أهمية التفاعل والمشاركة: زوار مواقع الصحف اليوم ليسوا مجرد متلقين سلبيين للمعلومات، بل يسعون بنشاط إلى التفاعل والمشاركة في المحتوى، خصوصاً عندما يتعلق ذلك بالامور الاجتماعية، والتي هي لب ماتقدمه الصحافة من محتوى. هذا التفاعل يعكس رغبة قوية لدى الجمهور في أن يكون لهم صوت وتأثير في مجريات الأحداث. هذا الشعور بالمشاركة سيحقق نسب زيارة أعلى وتفاعل أكبر، وذلك لأن الدافع النفسي والمحفز لزيارة الموقع ستكون أكبر.
- تطوير واجهات المستخدم التفاعلية: هذه النقطة قد تكون الاهم مابين كل النقاط المتعلقة بالتعديلات المقترحة، وذلك لكون واجهة المستخدم (User Interface) وطريقة تصميمها وعرضها للمعلومة بطريقة تفاعلية تضمن مشاركة القارئ والمتابع للمحتوى بشكل أفضل. تصميم واجهات المستخدم بحيث تكون سهلة الاستخدام وتشجع على التفاعل هي خطوة ليست أساسية فقط، بل ذات أولولية كبرى. يجب أن تتضمن هذه الواجهات مساحات واضحة للتعليقات، أدوات للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي، وخيارات لتقييم المقالات والتصويت على المحتوى. الواجهات الحالية لأغلب الصحف (ان لم يكن جميعها) تفقد ميزة التفاعل الجيد، حتى وان احتوت على بعض وسائل المشاركة! قارن بين تصميم منصات التواصل وتصميم مواقع الصحف، ستجد أن الفرق كبير جداً خصوصاً عندما يتعلق الامر بمرونة الاستخدام وجمال عرض المعلومة، التي تتفوق فيها دائماً منصات التواصل او المواقع المشهورة. العديد من الدراسات في مجال الحاسب الآلي (تحديداً في مجال تفاعل الانسان والحاسوب – Human Computer Interaction) تؤكد على الدور الذي تلعبه الواجهات الجميلة والمرنة والتفاعلية في نجاح المواقع الالكترونية! المستخدم يحتاج لما يسمى بتجربة عميل مميزه (User Experience). هل تجري الصحف، اختبار لجودة صفحاتها على الانترنت، وتركز على تجربة المستخدم وكيف يتفاعل مع الصفحة والمعلومات المعروضة فيها ويشاركها!؟ القليل يهتم لهذا الموضوع. تجربة العميل (وهنا نقصد زائر الصفحة) لابد ان تتم دراستها بشكل دقيق جداً عند زيارت المستخدم (العميل) لموقع الصحيفة، ومعرفة مقدار الوقت الذي قضاه في الموقع، وماهي المحتويات التي اطلع عليها وشاركها او علق عليها!؟ هذه النقطة بالتحديد (واقصد هنا نقطة تطوير واجهة المستخدم) هي النقطة الاهم في موضوع تغيير مفهوم تعامل المستخدمين مع مواقع الصحف، ورفع نسب التفاعل معها. في موضوع تطوير واجهات المستخدم التفاعلية، نحتاج خلق مفاهيم جديدة، واسلوب جديد يزيد من رغبة القارئ على الاستمرار الدائم في زيارة موقع الصحيفة والتفاعل معه.
- إتاحة الفرصة لكتابة المقالات والآراء ومشاركة الصور ومقاطع الصوت والفيديو للمشاهير والمؤثرين اصحاب المحتوى الهادف: الصحف اليوم لابد ان تقدم افكار مبتكرة، لكي تنمو وتزدهر، وان لا تتمسك بالطرق التقليدية القديمة. والناس تحب التفاعل وترك الأثر، وهذا ماجعل شعبية منصات التواصل الاجتماعي ترتفع بشكل كبير جداً. فتح الباب للجميع للكتابة وتقديم المحتوى في الصحف، قد يكون فيه تحدي بسبب صعوبة ضبط الامر، وذلك لأن شبكة الانترنت فيها العديد من التيارات والافكار التي قد لا تناسب توجه الصحف! ولكن من الممكن بأن تقدم الصحف منصة لعدد كبير من المؤثرين والمشاهير اصحاب المحتوى الهادف الذين يتمتعون بالجماهرية الكبيرة. هذا سيعطي الصحف زخم كبير من التفاعل والمشاركة المجتمعية، وتفاعل متابعي هؤلاء من مختلف شبكاتهم الاجتماعية مع مواقع الصحف، سيخلق حركة كبيرة في مواقع الصحف الالتكرونية. جذب المشاهير والمؤثرين واصحاب الفكر المفيد يحتاج من الصحيفة نموذج عمل يحفز مثل هؤلاء ليكونوا اعضاء فاعلين في مواقع الصحف، والتفكير في كيفية اغراء مثل هؤلاء على التفاعل مع موقع الصحيفة، حتى ولو كان عن طريق تقديم العروض المالية التي تعتمد على تفاعل متابعيهم مع مايطرح في موقع الصحيفة! او حتى مشاركة مثل هؤلاء جزء من العوائد المالية العائدة من الاعلانات!
فكرة تحويل زوار مواقع الصحف من متابعين إلى مشاركين هو مستقبل الصحافة، وهو من سيعيد للصحافة توهجها القديم وتأثريها القوي. من أعطى للصاحفى قديماً قيمتها هو جمهورها العريض والذي كان يشكل جزء كبير من المجتمع. والحقيقة الوحيدة التي يتفق عليها كل من يعمل في مجال المال والاعمال، ان الجماهير هم سر النجاح دائماً. لذلك، في عالم رقمي يتسم بالتغير السريع والتفاعل المستمر، لا يمكن للصحف البقاء على قيد الحياة إلا إذا احتضنت هذا التحول، والذي يتمحور حول توفير منصات صحف تفاعلية تشرك القراء بشكل فعال، حينها يمكن للصحف ليس فقط جذب جمهور أوسع، بل بناء مجتمع من القراء المخلصين والمشاركين في صناعة الأخبار والمحتوى.
أتمنى أن تأخذ إحدى الصحف على عاتقها التطوير في هذا الاتجاه، او حتى أن تدفع وزارة الاعلام العجلة في اتجاه تطوير الصحف وتجرب الابتكار في هذا المجال، حتى يكتب النجاح بإذن الله لنوع حديث من الصحافة، قد يشكل فارقاً كبيراً في هذا العالم الحيوي والهام. علينا أن لا نخشى الابتكار والتجديد وطرح الافكار الجديدة لأن الابتكار والابداع هو الطريق للنجاح والتغيير الايجابي دائماً. دول العالم تنفق ملايين بل مليارات الدولارات على تجربة العديد من الافكار والطرق الجديدة والمبتكرة التي قد لا يرى النور بعضها، والبعض الآخر منها ان كُتب له النجاح قد يغير حياة البشرية للأفضل. والافكار والابتكار ليست حكراً على دول بعينها او شركات معينة. اليوم الحمد لله نملك في المملكة افضل الامكانات والعقول، التي من الممكن ان تحدث فارقاً مهماً في هذا الاتجاه.
سأضل أؤمن دائماً بأن الصحافة ستعود يوماً ما لتألقها وحيويتها، ولكن بثوب مختلف وطريقة مبتكرة! وحتى يحين ذلك الوقت، ستبقى المؤسسات الصحفية تصارع من أجل البقاء!