دائماً ما تتردد على مسامعنا كلمتي ”الابداع – Creativity“ و ”والابتكار – Innovation“، فهي كلمات غالباً ما تكون حاضرة عند الحديث عن التطوير والتغيير الايجابي والتقدم، بل وتغيير الوضع الراهن لوضع آخر مختلف يكون أفضل دائماً.

ولكن قد يوجد خلط عند البعض بين مفهوم الابداع ومفهوم الابتكار! فيعامل الابداع كأنه إبتكار والعكس صحيح!

في هذا المقال القصير، سنحاول توضيح الفرق بين الابداع وبين الابتكار، وماهو تأثيرهما على التطور البشري الذي عاشته وتعيشه البشرية اليوم.

الإبداع (Creativity) هو القدرة على توليد أفكار جديدة لم توجد من قبل او كما يطلق عليها باللغة الانجليزية (Original and Novel Ideas). وهذا يتطلب التفكير خارج الصندوق دائماً، وذلك من أجل التوصل إلى حلول فريدة للمشكلات القائمة او حتى خلق فكرة جديدة من العدم. الابداع هو الأساس الذي يُبنى عليه الابتكار، وهو الشرارة التي تشعل الخيال وتتيح لنا تصور إمكانيات جديدة. وهذا يقودنا لربط الابداع بالافكار والخيال دائماً، حيث ان الهدف من ربط تلك الافكار والخيالات مع بعضها لإيجاد فكرة جديدة ونوعية هو حل مشكلة قائمة او تقديم منتج جديد او خدمة مفيدة للبشرية.

يقول البروفيسور أدام جرانت (Adam Grant) من كلية الادارة في جامعة بنسلفينيا في الولايات المتحدة – وهو أحد أشهر المؤلفين في مجال الابداع والتفكير – في كتابه المبدعين ”الاصليون“ (Originals):

”إن السمة المميزة للأصالة (الابداع) هي رفض الخيار الافتراضي (اي الوضع القائم حالياً) والبحث عن ما إذا كان هناك خيار أفضل.“
آدم جرانت

“The hallmark of originality is rejecting the default and exploring whether a better option exists.”
Adam Grant

أما الابتكار (Innovation)، فهو تطبيق تلك الأفكار والخيالات الإبداعية، وتحويلها إلى حل عملي وملموس يمكن تطبيقه في العالم الحقيقي، من أجل تقديم منتج او خدمة تفيد البشرية. الابتكار غالباً ما يتعلق بأخذ المخاطر (Taking Risks)، اختبار الأساليب الجديدة (Testing New Approaches)، وتنقيح الأفكار حتى تصبح قابلة للتطبيق وذات تأثير. أي انه مرتبط أكثر بالتطبيق (Implementation).

قد يسأل البعض ويقول: أيهما أصعب أو أكثر تعقيداً، الابداع ام الابتكار؟

الابداع متربط أكثر بالتفكير وتقديم فكرة جديدة، ولكنها ستظل فكرة تراوح مكانها إن لم يتم الاستفادة منها وتطبيقها على أرض الواقع وتحويلها لمنتج او خدمة!
لذلك، بينما يكون الإبداع ضروري لتوليد أفكار مبتكرة، يتطلب الابتكار مهارات وموارد وأدوات إضافية، لابد من توفرها لتحويل تلك الفكرة وتطبيقها. احياناً، تكون تلك الادوات او الموارد غير متوفرة من الاساس، لذلك يسعى المبتكرون لإيجاد طريقة او تقديم حلول تساعدهم في تنفيذ تلك الافكار ونقلها من العقول والاوراق إلى الواقع! من هذا المنطلق، يجب على المبتكرين أن يكونوا قادرين دائماً على التعرف على إمكانيات الفكرة الإبداعية، وتطوير خطة لتحقيقها، ثم التغلب على التحديات والعقبات التي تنشأ خلال عملية التنفيذ، وهنا يكمن التحدي والصعوبة، حيث أن أغلب المشاريع او الافكار تواجه تحديات عند التنفيذ قد تجعل من تطبيقها على أرض الواقع أمراً صعباً بل مستحيلاً في بعض الأحيان!

والإبداع له ارتباط كبير بالفنون والتخصصات النطرية، ولكنه أيضاً مرتبط كذلك بكل التخصصات الأخرى، ويمكن أن يُطبق في أي مجال، سواءً في العلوم التطبيقية او الهندسية او الصحية او المالية او الاجتماعية او غيرها. في الجانب الآخر، الابتكار هو محرك التقدم وقوة النمو الاقتصادي، حيث يؤدي إلى تطوير منتجات وخدمات وعمليات جديدة تُحسِّن حياتنا وتخلق قيمة أكبر وترفع من جودة الحياة!

بإختصار، الإبداع (Creativity) هو الشرارة التي تشعل الفكر والخيال، بينما الابتكار (Innovation) هو عملية تحويل تلك الشرارة إلى حل ملموس وذو تأثير، وكلاهما ضروري لدفع عجلة التقدم وخلق مستقبل أفضل للبشرية!

أترك تعليق