أرامكو السعودية هي عملاق صناعة البترول على مستوى العالم. فهي شركة يمتد تاريخها لنحو 90 عاماً من العطاء والجد والعمل والإنتاج. أرامكو اليوم هي علامة مميزة وفارقة بين أكبر الشركات العالمية، فعندما يتم الحديث عن صناعة النفط، يتبادر للناس فوراً في كل أرجاء العالم – حتى لو كنت في إحدى قرى الولايات المتحدة أو الصين أو أي مكان آخر- اسم أرامكو السعودية، مثلما يتبادر للناس اسم شركة مرسيدس عند الحديث عن عالم صناعة السيارات، أو اسم شركة بوينج عند الحديث عن عالم صناعة الطائرات. كل هذه الشركات هي علامات تجارية (Brands) مميزة يصعب تكرارها، حيث تم وعبر سنين طويلة ومضنية من العمل صناعة هويتها من خلال ليس فقط العمل الدؤوب لأفراد هذه الشركات وقياداتها، ولكن أيضاً من خلال الأنظمة والقوانين الصارمة للعمل التي تميزت بها.
في الواقع، يسعى العديد من الأشخاص للالتحاق بمثل هذه الشركات والعمل بها، لدرجة أن حضورك للتدريب فقط في أماكن من هذا النوع يعتبر نقطة إيجابية في سيرتك الذاتية. وعلى أي حال لن أطيل الحديث عن أرامكو السعودية، فهي أشهر من نار على علم كما تقول العرب.
ما أريد أن أطرحه على إدارة شركة أرامكو السعودية والمسؤولين فيها هي فكرة إخراج كتاب أو عدة كتب عن أهم الابتكارات أو الطرق التي تتبعها أرامكو سواءً في المجال الهندسي أو الجيولوجي أو التقني أو حتى الإداري والتي أثرت مجال صناعة النفط. بحكم عملي السابق في الشركة لعدة سنوات، أعلم أن الشركة تصدر مجلات دورية تتحدث عن منجزاتها وشراكاتها وكذلك مشاركتها المجتمعية المتنوعة وغيرها من الأنشطة والفعاليات الخاصة بالشركة. صحيح أن المجلات الدورية هي منفذ جيد للنشر الإعلامي وتقوم بإيصال الرسائل المهمة عن الشركة، ولكن ليس هذا ما أقصده هنا.
ما أقصده وأقترحه هو أن تقوم الشركة بالتعاون والشراكة مع إحدى الجامعات السعودية أو حتى مجموعة من الجامعات سواءً في الداخل او الخارج وخصوصاً كليات الهندسة أو الحاسب الآلي أو العلوم أو الإدارة وذلك لدراسة طريقة ومنهج أرامكو السعودية في الأمن والسلامة المتعلقة بصناعة النفط أو منهج أرامكو في هندسة البترول والهندسة الكيميائية والجيولوجيا أو الحاسب الآلي أو طريقة إدارة المشاريع المتبعة في أرامكو وذلك للنظر في كيفية أو إمكانية أن يخرج ذلك في كتاب أو مجموعة كتب، وهذا له هدفان. الهدف الأول هو إثراء المكتبة العلمية العالمية بكتب ومراجع مفيدة ومجربة ونابعة من شركة ذات جودة عمل عالية، أما الهدف الثاني هو تعزيز اسم شركة أرامكو السعودية في مجال العلوم والهندسة والإدارة والجيولوجيا والحاسب الآلي.
اليوم في عالم الإدارة والهندسة والحاسب الآلي توجد بعض الطرق العملية – التي يتم تدرسيها للطلبة أو المتدربين في معاهد التدريب أو الكليات أو الجامعات – خرجت من شركات عالمية مميزة، مثل نظام إنتاج تويوتا [Toyota Production System – TPS]، وهو نظام يهدف للتخلص من الهدر وتحقيق أفضل كفاءة ممكنة في إنتاج السيارات، قامت شركة تويوتا اليابانية لصناعة السيارات باستحداثه، وهو نظام يتحدث عن فلسفة شركة تويوتا وممارستها الإدارية.
هذا مثال واحد فقط، وتوجد أمثلة أخرى خرجت من شركات عالمية أخرى سواءً في الولايات المتحدة أو أوروبا أو أقصى شرق آسيا.
العمل في شركة بحجم أرامكو السعودية لا يتوقف على مدار 24 ساعة و365 يوم بالسنة فهي شركة لا تمد المملكة فقط بالطاقة، بل تساعد في أن يبقى العالم أجمع يعمل وينتج وينمو ويزدهر.
الكتب هي دائماً من أفضل مصادر المعلومات وأهمها، والجامعات ومراكز الأبحاث هي مصانع للفكر والإبداع، لذلك لو تم التعاون والشراكة بين أرامكو السعودية ومجموعة من الجامعات لدراسة ما يمكن أن يستفاد منه من تجارب أرامكو السعودية وأبحاثها ومنهجها وطريقتها في العمل لربما أصبح لدينا في يومٍ ما كتاب أو مجموعة كتب توزع في مكتبات العالم بعنوان مثل:
[صناعة النفط: أرامكو السعودية كنموذج]
[Oil Industry: Saudi Aramco As a Role Model]
أو [دور أرامكو السعودية في ازدهار صناعة النفط حول العالم]
[The Role of Saudi Aramco in the Prosperity of the Oil Industry around the World]
أو أي عناوين أخرى، تخرج في كتب علمية مفيدة ونافعة، حينها ستنتفع البشرية من هذا العلم وكذلك سنشعر نحن كسعوديين بالفخر الكبير الذي حققته وتحققه لنا دائماً هذه الشركة العملاقة.
كلي أمل أن تنظر قيادة الشركة لهذا المقترح، حيث عرف عنها دعم كل ما يصب في مصلحة الشركة والوطن، ولعل كذلك وزارة الطاقة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير المتألق عبدالعزيز بن سلمان – حفظه الله – تنظر في إمكانية دعم هذا المقترح، وذلك ليبقى اسم أرامكو السعودية واسم المملكة حاضرين ولهما بصمة وأثر مفيد للبشرية ليس فقط في المحافل المختلفة ولكن أيضاً حتى في الكتب العلمية المنتشرة في كل مكان في العالم.