أصبح العديد منا اليوم وفي ظل هذا التقدم التقني المتسارع لا يستغني عن جواله او جهاز الحاسب في مكتبه او حتى في منزله. فمتوسط عدد الساعات التي نقضيها يومياً في عالم التقنية يصل إلى حدود أربع ساعات على أقل تقدير كما تشير إليه الدراسات. طبعاً الحديث هنا عن استخدام الشخص العادي أما الأشخاص الذين لاتكاد تنطفئ شاشات أجهزتهم فهؤلاء خارج الحسبة تماماً، وكان الله في عونهم فهم يواجهون مشكلة الإدمان والإنترنت لهم مثل أكسجين الحياة، فأنا لا أستبعد شخصياً أن يتم إنشاء عيادات طبية في المستقبل القريب لمعالجة الإدمان على التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي مثله مثل أنواع الإدمان الأخرى.

مثل هذه الأرقام قد تكون صادمة للبعض مما يقودهم للذهول والتعجب أو حتى إنكار إحصائيات من هذا النوع، ولكن هذه هي الحقيقة التي أصبحنا نعيشها واقعاً.

الكلام السابق لا يعني الدعوة للامتناع عن التقنية والرجوع سنوات للخلف، لكن لابد من ضرورة وجود الموازنة ما بين استخدامنا للتقنية وبين حياتنا خارج هذا العالم الرقمي الإفتراضي. إطالة المكوث على هذه الأجهزة له مضار ليس على الصحة فقط بل حتى على الحالة الإجتماعية والنفسية كذلك. أما المضار الصحية فالرقبة والعين والجهاز العصبي هم أكبر المتضررين بشكل واضح وقد تتأثر أعضاء أخرى ولكن بشكل غير مباشر. فبعض الأشخاص قد يعاني من آلالام ومشاكل صحية وهو لا يعلم أن المكوث الطويل أمام شاشات الجوال قد يكون سبب رئيسي فيما يعاني منه. أما المضار الاجتماعية فلا تتطلب منك مجهودا كبيرا لملاحظتها، فهي حاضرة في العديد من الأماكن التي نتواجد فيها. فالإنسان يستطيع الآن أن يضحك ويبكي ويتحدث ويعبر عن كل مشاعره أمام شاشة الجوال وبدون الحاجة لوجود أي شخص معه في نفس الغرفة، حتى أن أفراد العائلة الواحدة يجتمعون جسدياً في مكان واحد ولكن ذهنياً وعقليناً هم على منصات التواصل الاجتماعي وفي أروقة العالم الرقمي، حتى الأحاديث الجانبية بينهم لم تعد كما كانت عليه في الماضي القريب. كما أن قضاء الساعات الطويلة على الإنترنت لم يُبقي للشخص وقت كافي لممارسة الرياضية التي يهواها أو حتى لعب كرة القدم مع الأصدقاء كما كان يفعل سابقاً او حتى قراءة معلومة أو كتاب ذا فائدة ثقافية عليه.

كل هذا له مردود نفسي مهم قد يفوت الشخص عند إفراطه في استخدام التقنية.

الإنترنت أصبح اليوم ضرورة فلا يمكن أن نتخيل الحياة بدونه، فوجوده سهل علينا الكثير من الجهد والمال وقدم لنا الكثير بمجال التعليم والصحة وباقي المجالات الأخرى كلها. ولكن الوعي بالاستخدام أمر في غاية الأهمية لما له من دور في الاستقرار النفسي والاجتماعي والصحي.

أترك تعليق