عبدالله شاب طموح يريد تأسيس شركة تقنية تمكن المستخدمين من بث مقاطع فيديوK أو ما يسمى بالإنجليزية بالـ Video Streaming على الانترنت، أي إن فكرة مشروع عبدالله مشابهة لفكرة يوتيوب.
من أجل أن ينفذ عبدالله مشروعه وبناء شركته الصغيرة لا بد أن يشتري عددا من أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الشبكات والبرمجيات التي تساعده على تقديم الخدمة المطلوبة للعملاء. لو عدنا بضع سنوات للخلف أي إلى بدايات ظهور الانترنت بالتحديد والإمكانات التقنية المتوفرة آنذاك، سنجد أنه لم يكن بوسع عبدالله من أجل أن يؤسس الشركة إلا أن يشتري جميع الأجهزة، وبناء أو شراء البرمجيات التي قد تكلفه مبلغا من المال لا يستطيع توفيره كاملا في بداية المشروع، وذلك نظرا لاحتياجه دفع مبالغ مالية لإيجار مقر شركته وعقود توظيف وتأثيث مكاتب وغيرها من المصاريف التي قد تزيد أو تقل بناء على حجم الشركة.
ولكن مع الحوسبة السحابية أو Cloud Computing لم يعد هاجس بناء عبدالله لشركته كما كان عليه قبل سنوات.
ولعل القارئ يتساءل عن معنى الحوسبة السحابية وفيم تكمن أهميتها؟ وقبل أن نجيب عن هذا السؤال نريد توضيح معنى كلمة حوسبة أولا، فكلمة حوسبة تقابلها كلمة Computing بالإنجليزية، وتعني استخدام الحاسب الآلي في تنفيذ المهام والعمليات المطلوبة.
الحوسبة السحابية كما يشار إليها في كتب علوم الحاسب الآلي والتقنية هي إحدى الخدمات التي تقدم عن طريق الانترنت، وتستخدم فيها أجهزة وبرمجيات في أماكن بعيدة نوعا ما عن المستخدم، ويتم التواصل معها عن طريق الانترنت.
تقدم هذا النوع من الحوسبة شركات متخصصة يطلق عليها «مزودو الخدمات السحابية» أو «Cloud Services Providers». كما أنها تحتاج إلى اتصال دائم بالانترنت للاستفادة منها بالشكل الصحيح، ويملك تلك الأجهزة والبرمجيات مزود الخدمة وليس المستخدم، ولذلك فإن المستخدم لا تعنيه أمور الصيانة لهذه الأجهزة والبرمجيات أو توفير الكهرباء والتبريد لها، لأن ذلك كله من مسؤوليات مزود الخدمة.
ميزة الحوسبة السحابية هي التكلفة المادية المنخفضة أحيانا، حيث إن المستخدم يدفع مبلغا شهريا أقل بكثير مقارنة بشراء كل الأجهزة والبرمجيات اللازمة لعمله. كذلك لو أراد المستخدم زيادة المساحة التخزينية أو المعالجات أو إضافة بعض المميزات في بعض البرامج أو تغييرها كليا سيتم ذلك في غضون دقائق أو ساعات قليلة (وهذا ما يسمى المرونة بالزيادة Scale Up والنقصان Scale Down)، وهذا أمر مهم جدا في مجال الأعمال، حيث إن الشركات ممكن أن تنمو بشكل سريع أو العكس، ومع هذا النمو أو النقصان تأتي الحاجة الماسة لزيادة أو تخفيض بعض الخدمات بشكل سريع ودون أي تأخير.
مع كل مميزات الحوسبة السحابية يبقى الهاجس الأمني حاضرا، وذلك بسبب وجود البيانات والمعلومات لدى مزود الخدمة وعلى أجهزته وفي برمجياته، كما أن جودة الاتصال بالانترنت عامل مهم في نجاح الخدمات المقدمة، كذلك تبقى عقود الاستئجار طويلة المدى لبعض أنواع الخدمات مكلفة نوعا ما. لذا يجب على المستخدم أو الشركة التي تريد استخدام الحوسبة السحابية دراسة الجدوى التي توضح الفائدة من استخدام هذه النوع من الحوسبة من عدمها.
الحوسبة السحابية بدأت فعليا بالانتشار، وستكبر تدريجيا شريحة المستخدمين لها، وستتجه العديد من الشركات والمؤسسات لاسئتجار بعض الخدمات عن طريق الانترنت بدلا من شراء الأجهزة والبرمجيات وما لها من تكاليف مادية عالية قد ترهق كاهل المؤسسة المالي.