تلعب الرياضة عاملا مهما في أنسنة الجامعات وزيادة الحماس والتفاعل داخل الحرم الجامعي.
فالحياة الأكاديمية من تدريس وأبحاث تصبح جامدة ومملة إذا لم تتواجد الأنشطة اللاصفية للطلاب والكادرين الأكاديمي والإداري، حيث تعتبر هذه الأنشطة أحد أهم عوامل الحياة الاجتماعية التي يحتاجها منسوبو الجامعة للترفيه والترويح عن أنفسهم.
ومن أهم الأنشطة اللاصفية هي الأنشطة الرياضية، والتي تزيد من تفاعل الطلبة مع بعضهم البعض وترفع روح الولاء للجامعة والفخر بالصرح التعليمي الذي ينتمون له. وجود فريق رياضي مميز داخل الجامعة يجعل جميع منسوبي الجامعة يلتفون حوله ويدعمونه سواء في مشاركاته على المستوى الوطني أو حتى على المستوى الإقليمي أو الدولي. هذا كله يصب في الاتجاه المعنوي والنفسي لمنسوبي الجامعات، وهنالك عامل آخر لا يقل أهمية عن ما سبق وهو العامل المالي. حيث تعتبر الرياضة من العوامل التي تساعد في رفع الإيرادات المالية للمنشآت خاصة عندما يتم التعامل معها بشكل احترافي ومنظم.
فالرياضة دائما ما تكون جاذبة للرعاية والدعم المالي من قبل القطاع الخاص، لذلك تحرص الشركات الكبرى تحديدا على رعاية أشهر الفرق الرياضية ودعمها، وذلك من باب التسويق والدعاية والإعلان مما يرفع العوائد المالية لتلك الجهات.
والرياضة أحيانا تكون أحد العوامل المساعدة في تشكيل هوية أو ثقافة معينة في المنشآت أو المؤسسات سواء أكانت هذه المنشآت أو المؤسسات من القطاع الحكومي أو الخاص. على سبيل المثال، جامعات ما تسمى بالـ (Ivy League) بالولايات المتحدة الأمريكية تعتبر من جامعات النخبة والجامعات المتميزة ليس فقط داخل الولايات المتحدة وإنما على مستوى العالم. تميز هذه الجامعات ليس فقط في التدريس وإنما كذلك في المجال البحثي والأنشطة المختلفة، حتى أن معايير القبول في هذه الجامعات دائما ما تكون الأعلى على مستوى العالم، ونسبة القبول فيها منخفضة وذلك بسبب حرص هذه الجامعات على نوعية الطلبة الملتحقين بها.
تتكون جامعات الـ(Ivy League) من ثمان جامعات هي كالتالي:
1. جامعة برينستون (Princeton University)
2. جامعة هارفارد (Harvard University)
3. جامعة بنسلفينيا (University of Pennsylvania)
4. جامعة ييل (Yale University)
5. جامعة كورنيل (Cornell University)
6. جامعة دورتموث (Dartmouth University)
7. جامعة براون (Brown University)
8. جامعة كولومبيا (Columbia University)
هذه الجامعات تصنف من ضمن الجامعات الخاصة ولكنها غير ربحية (Private but Not for-Profit Universities)، – (والسبب في كونها جامعات خاصة ولكنها غير ربحية هو أنها لا تتلقى دعما ماليا من الحكومة ودخل هذه الجامعات يكون من الرسوم الدراسية العالية التي تفرضها على الطلبة المنتسبين لها وكذلك العوائد المالية الأخرى الواردة للجامعة من الأوقاف الجامعية وغيرها والتي يتم صرفها مرة أخرى على الجامعة من خلال تطوير البنية التحتية بالجامعة ودعم الأبحاث وتطوير المناهج وتقديم الدعم المالي للطلبة من خلال المنح الدراسية).
هذه الجامعات الثمان كان العامل الذي جمعها تحت مسمى الـ(Ivy League) هو الرياضة، وأصبحت منذ عام 1954م تعرف بجامعات الـ (Ivy League)، ومن ذلك التاريخ والمنافسة بين هذه الجامعات على أشدها في عدة رياضات من أهمها كرة القدم الأمريكية وكرة السلة والهوكي والبيسبول وغيرها، مما جعل ليس فقط منسوبي تلك الجامعات يتفاعلون وبشكل كبير مع المباريات الرياضية مع الجامعات الأخرى وإنما أيضا سكان المدن التي توجد فيها هذه الجامعات. وأصبح منسوبو تلك الجامعات من طلبة وكادر أكاديمي وإداري وسكان المدن يتفاخرون بأندية جامعاتهم وتميزها ويقومون بارتداء الزي الرياضي الذي يحمل شعار الجامعة مما زاد من روح الحماس والتفاعل داخل الحرم الجامعي وفي المدن التي تحوي تلك الجامعات.
في الواقع التفاعل مع الرياضة ليس مقتصرا فقط على جامعات الـ (Ivy School) وإنما في معظم جامعات الولايات المتحدة، حيث تشكل الرياضة عامل جذب كبيرا لجميع منسوبي الجامعة لقضاء أوقات ممتعة خارج نطاق العمل الأكاديمي الروتيني من تدريس وأبحاث.
ولدعم الجانب الرياضي في تلك الجامعات، يتم تقديم منح دراسية مجانية للطلبة المبدعين والمتميزين بالرياضات المختلفة.
كشخص أكاديمي، أتمنى أن تدرس وزارة التعليم موضوع الرياضة بين الجامعات في وطننا الحبيب، وتبحث إمكانية تطويرها بشكل أفضل، فالوزارة لديها الكفاءات المبدعة التي تستطيع خلق الفرص الرائعة التي تساعد في دفع عجلة التطور في جامعاتنا للأمام دائما، ولعل بحث فرص الشراكة والتعاون مع وزارة الرياضة ووزارة الاستثمار والشركات الكبرى في وطننا الغالي وذلك لخلق مسابقات ومنافسات رياضية احترافية بين الجامعات على مستوى المملكة وإشراك وسائل الإعلام من صحافة وتلفزة (كالقنوات التلفزيونية الرياضية الوطنية ومجموعة روتانا وإم بي سي والإخبارية والسعودية والعربية وغيرها) وسوشيال ميديا بتطبيقاتها المختلفة في تغطية المنافسات الرياضية بين الجامعات والاهتمام بها، سيخلق أجواء اجتماعية وحماسية رائعة داخل جامعاتنا وسيزيد من المنافسة بينها ويرفع ليس فقط من معدل فخر الطلاب والكادر الأكاديمي والإداري بجامعاتهم وإنما كذلك سيزيد من الفرص الاستثمارية داخل هذه الجامعات، وهذا كله يندرج تحت أنسنة الجامعات.