بدأ مطلع هذا الأسبوع إصدار نوع جديد من التأشيرات في المملكة، وهي التأشيرة السياحية. لن أتحدث في هذا المقال عن العوائد المالية الضخمة التي ستضيفها هذه التأشيرة لاقتصاد المملكة، ولا عن العدد الكبير من الفرص الوظيفية التي تنتظر شباب وشابات هذا الوطن في القطاع السياحي، فالفوائد الاقتصادية وأرقام التوظيف يمكن استقاؤها من حسابات هيئة السياحة ووزارة الاقتصاد بشكل أكثر دقة من أي وسيلة إعلام أخرى.

ولكن سأركز ها هنا على فوائد فتح المملكة لباب السياحة في نشر ثقافتنا وقيمنا وعاداتنا حول العالم.

العديد منا يسافر خارج المملكة شرقا وغربا، إما لغرض التعليم أو العلاج أو السياحة أو التجارة أو غيرها من الأسباب الأخرى. ولكن نجد عند سفرنا للخارج وحديثنا مع شعوب الدول الأخرى قلة المعلومات لديهم عن المملكة وشعبها وتراثها وحضارتها. فكل ما يتوفر لديهم من معلومات عن بلدنا هو ما ينقل إليهم عبر وسائل الإعلام لديهم التي غالبا لا تنقل إلا الصورة النمطية عن المملكة، والمتمثلة بوجود البترول بكميات ضخمة في بيئة صحراوية غير متطورة. وهذا الأمر غير صحيح البتة، فعديد من الخدمات المقدمة لدينا يقارن بما يقدم في الدول المتقدمة، بل بعضها يقدم في المملكة بشكل أفضل.

فتح أبواب المملكة للسياح سيعطي فرصة لشعوب العالم المختلفة لزيارة المملكة والاطلاع عن قرب على معالم المملكة التراثية والحضارية التي يزخر بها وطننا في شتى مناطقه المختلفة، وكذلك معرفة عادات وتقاليد وقيم المجتمع السعودي بشكل أوضح ومباشر. هذه العادات والقيم كالحفاوة والكرم والتسامح والمنبثقة من تعاليم ديننا السمح والتي نفخر بها ونريد إيصالها للعالم أجمع، أصبح من الممكن اليوم نشرها عن طريق استضافة مختلف شعوب العالم في المملكة من خلال التأشيرة السياحية.

سنويا يتجاوز عدد السياح والمسافرين على مستوى العالم حاجز المليار سائح ومسافر. ولو استطعنا جذب 10% من هذا الرقم لتمكنا من إيصال ثقافتنا وهويتنا إلى كل دول العالم، فالزائر أو السائح سيغادر المملكة ومعه انطباع عن البلد وعاداته من خلال المشاهدات والتجارب التي عاشها خلال فترة إقامته القصيرة بيننا.

أما فيما يخص التخوف الذي يردده البعض من أن فتح باب السياحة سيؤدي إلى جلب قيم دخيلة أو غير مقبولة على المجتمع، فهذا أمر قد تمت الإجابة عنه من قبل هيئة السياحة وبيان أن المملكة أصدرت واعتمدت قوانين تلزم كل الزوار والسياح بمراعاتها واتباع القيم والذوق العام المتعارف عليه في المملكة، ومن يخالف ذلك سيتعرض للمساءلة والعقوبة المنصوص عليها في تلك القوانين.

كل دول العالم تستقبل زوارا وسياحا سنويا بأعداد مليونية على مدار عقود عدة، ولم تتأثر قيمهم وعاداتهم، وذلك بسبب وجود أنظمة وقوانين تحمي كل ذلك، بل إن بعض هذه البلدان استطاعت أن تصدر ثقافتها وقيمها وهويتها إلى شعوب أخرى من خلال قطاع السياحة.

أترك تعليق