نستقبل بشكل مستمر العديد من الإيميلات التي تدعونا للتسجيل بمقابل مادي في كورس عن بعد أو بشكل حضوري في الجامعة «س» أو دورة في الجامعة «ص» أو ورشة عمل في الجامعة «ع»، يصاحب هذا الإعلان إبراز لهوية تلك الجامعة بشكل واضح وكذلك عرض للمحتوى العلمي وتقديم لطريقة التدريس بشكل جذاب لدرجة أن البعض يسارع بالتسجيل بمجرد أن يقرأ الإيميل التسويقي. وهنا أقصد الكورسات خارج المنهج الدراسي أو ما يمكن أن نصنفها ضمن الكورسات التي يتم تقديمها بهدف التطوير والتدريب السريع.

الملاحظ بأن طريقة التسويق لهذا النوع من الكورسات ومحتوى تلك الكورسات تتفوق فيه الجامعات الغربية بلا منازع وخصوصا جامعات أمريكا الشمالية وبعض الجامعات في بريطانيا وأستراليا، أما بقية جامعات العالم سواء في أقصى شرق آسيا كالجامعات اليابانية والجامعات الكورية والجامعات في أغلب دول أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط فإن عطاءها في تقديم هذا النوع من التسويق للكورسات (غير المنهجية) يكاد يكون ضعيفا ومحدودا أو أحيانا لا يذكر.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل أن جامعات أمريكا الشمالية تقدم محتوى لا نعلمه أو غير موجود بالكتب والمراجع العلمية؟ كـأكاديمي ومطلع على ما يقدم في تلك الكورسات، أستطيع الإجابة بـلا، المحتوى المقدم في الكورسات التي تقدمها جامعات أمريكا الشمالية موجود في أغلب جامعات العالم، وأي محاضر وعضو هيئة تدريس لدينا أو في أي جامعة بالعالم قادر على تدريس ذلك المحتوى وربما بشكل أفضل مما يقدمه المحاضرون في تلك الكورسات.

من وجهة نظري، الإقبال الكبير على الكورسات (غير المنهجية) في تلك الجامعات (وأعني هنا الجامعات الغربية) يعود لسببين، (السبب الأول): سمعة تلك الجامعات، وهذا عامل مهم ومؤثر في رغبة العديد من الأشخاص في الحصول على شهادة ولو لكورس مدته لا تتجاوز اليومين من الجامعة الفلانية في أمريكا أو كندا أو بريطانيا، وهذا عامل نفسي مهم للعديد من المتقدمين لتلك الكورسات. (السبب الثاني): التميز في التسويق من تلك الجامعات في تقديم كورساتهم ومحتوى تلك الكورسات بطريقة جذابه ومشجعه وتلامس احتياجات الناس ومتطلبات سوق العمل، لدرجة أن المتقدمين لتلك الكورسات يشعر بأنه سيتم توظيفه أو ترقيته بمجرد حصوله على ذلك الكورس أو تلك الدورة.

هذا النوع من التسويق تعمل عليه فرق متخصصة للمونتاج والتصوير والإخراج والدعاية والإعلان، حيث إن عضو هيئة التدريس يمثل عنصرا واحدا فقط من عناصر النجاح الذي يقف خلفه فريق كامل من المتميزين والمحترفين في مجال الإنتاج والتسويق والدعاية والإعلان.

الجدير بالذكر بأن السبب الثاني (التسويق) جعل بعض الجامعات الغربية – حتى بعض الجامعات من جنوب أفريقيا ونيوزيلندا – غير المعروفة تبرز في تقديم مختلف الكورسات (غير المنهجية) بشكل يلبي احتياجات سوق العمل ورغبة المتقدمين، فشرط «السمعة» لم يمنع تلك الجامعات من تسويق كورساتها للراغبين بالالتحاق بها وذلك بسبب وجود فريق تسويق محترف يساعد تلك الجامعات على الانتشار والتوسع.

أغلب الجامعات خارج أمريكا الشمالية لا تهتم لموضوع التسويق والدليل أنه لا يوجد قسم يختص بالتسويق (Marketing) يقوم بشكل احترافي بتسويق منتجات الجامعات (وأقصد هنا المنتجات التعليمية) وتقدميها للجمهور بغرض «البيع» وليس بغرض «الإعلام والإخبار».

أترك تعليق