تقوم جميع الشركات بأخذك عبر رحلة تقنعك فيها بشراء خدماتهم ومنتجاتهم ولكن بطريقة غير مباشرة، هذه الرحلة تسمى في علم التسويق برحلة الزبون او رحلة المشتري Buyer’s Journey. وهي رحلة تنقسم إلى ثلاث مراحل هي:

  1. مرحلة الوعي Awareness Stage
  2. مرحلة الاعتبار Consideration Stage
  3. مرحلة اتخاذ القرار Decision Stage

ولكن ما هي هذه الرحلة وماهي هذه المراحل؟ وكيف تستطيع الشركات اقناعك بالشراء منها واقتناء منتجاتها؟ إليك القصة بالتفصيل، ولكن قبل شرح الموضوع، جهز كوب القهوة او الشاي ثم اقرأ المقال بتمعن لتتعرف كيف تجذبك الشركات لمنتجاتها وخدماتها لتصبح أحد زبائنهم.

إليك القصة بالتفصيل:

لنفترض بأنك تفكر بشراء جهاز حاسب آلي ولكنك محتار بين جهاز حاسب آلي شخصي او جهاز حاسب آلي محمول [لابتوب]، وحتى هذه اللحظة لم تقرر بعد أي النوعين ستشتري. في هذه المرحلة أنت تقرأ فقط عن الحواسيب الشخصية والمحمولة والفروقات بينهما، وذلك لتثقيف نفسك وزيادة معلوماتك في هذا المجال.

حينها ستتجه لمحرك البحث قوقل وتكتب عبارة مثل “الفرق بين الحاسب الشخصي والحاسب المحمول” او “أيهما أفضل: الحاسب الشخصي او المحمول؟” او غيرها من العبارات المشابهة، وبعد ان تضغط على زر بدأ البحث في قوقل، تظهر لك قائمة من المواقع التي تعرض المعلومة التي تبحث عنها، بعض هذه المواقع [الشركات] قامت بدفع قيمة مالية معينة لشركة قوقل لتظهر في أعلى نتائج صفحة البحث في محرك البحث قوقل، وهي ما تسمى إعلانات [Google Ads]، هذه المواقع تكون اول ثلاث او اربع نتائج في أعلى الصفحة، بعدها مباشرةً تظهر لك المواقع الأكثر شهرة ومعروفة في تقديم معلومات عن الحاسب الآلي او مواضيع ذات علاقة بالحاسب الآلي. ظهور هذه المواقع في صفحة نتائج البحث الأولى لقوقل جاء بسبب اهتمام هذه المواقع بما يسمى بعملية تحسين محركات البحث او ما يطلق عليه باللغة الإنجليزية [Search Engine Optimization]، وهذا موضوع يطول شرحه وليس هدف هذا المقال.

بعد إعطاء المثال السابق، لندخل في صلب الموضوع، وهو كيف تقنعك الشركات بالشراء منها؟

أولاً: في عالم التسويق الإلكتروني يتم تقسيم المراحل التي يمر فيها الزبون لكي يشتري منتج او خدمة ما إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى تسمى مرحلة الوعي او ما يسمى باللغة الإنجليزية Awareness Stage، وهذه المرحلة يبحث فيها الزبون عن معلومة ما، ليس بغرض الشراء وإنما بغرض ان يثقف نفسه او يطلع على مزيد من المعلومات.

هذه المرحلة بالضبط هي المرحلة التي وضحناها في المثال السابق في المقال، وهو أنك تريد فقط معرفة الفرق بين جهاز الحاسب الآلي الشخصي وجهاز الحاسب الآلي المحمول. مرحلة الوعي Awareness Stage مهمة جداً للشركات حيث تجتهد هذه الشركات بشكل كبير لتزويدك بالمعلومات التي تبحث عنها بطريقة احترافية وابداعية، بهدف كسبك لاحقاً لشراء احد منتجاتها او خدماتها. تخصص الشركات المحترفة دائماً مدونة Blog وذلك لكتابة مقالات ومواضيع تتعلق بالمنتجات او الخدمات التي تقوم ببيعها. على سبيل المثال، اذا كانت شركة لبيع اجهزة الحاسب الآلي، ستجد أن لديهم مدونة لنشر مقالات تحتوي معلومات عن اجهزة الحاسب الآلي ومقاطع فيديو تجاوب هذه المقالات ومقاطع الفيديو على اسئلة واستفسارات زائري الموقع. وهنا يكمن الطعم الذي يتم اصطيادك فيه، وهو عرض منتجاتهم او خدماتهم عليك في هذه المقالات سواءً في أعلى الصفحة أم على جوانب الصفحة او في أسفلها. بل أحياناً، لن تتمكن من قراءة المقال كاملاً او مشاهدة الفيديو حتى تزودهم بإيميلك واسمك.

أيضاً توجد ملفات الارتباط وهي ماتعرف بالـ Cookies والتي تكون مهمتها جمع معلومات عنك، مثل معلومات جهازك والمنطقة الجغرافية التي تتواجد فيها وسلوكك الذي أظهرته عند تصفحك للموقع الخاص بهم، أي ماهي الروابط التي قمت بالضغط عليها وأين كانت حركت مؤشر الفأرة [الماوس] في صفحة الموقع أغلب الوقت وغيرها من المعلومات المتعلقة بإستخدامك لموقعهم، وكلها معلومات تم ذكرها لك في سياسة موقعهم والتي غالباً لايقرأها أحد من الزوار. وبشكل عام تختلف كمية المعلومات التي تجمعها عنك ملفات الارتباط Cookies من موقع لآخر ويرجع ذلك لسياسة الموقع وتعامله مع البيانات التي يجمعها عن الزبائن ومرتادي الموقع بشكل عام.

في مرحلة الوعي Awareness Stage تحاول الشركات اظهار تمكنهم من المحتوى الذي تبحث عنه، وايصال رسالة غير مباشرة لك بأنهم متميزين ومتكمنين من المعلومة التي يقدمونها لك، وهذه الشركات تعلم بأنك لست جاهزاً للشراء ولم تتخذ قراراً بذلك بعد، وانك فقط تقوم بزيارة الموقع للتصفح والقراءة والفضول. في هذه المرحلة يمكن أن يقوم الموقع بعرض ملف متكامل بصيغة بي دي اف PDF او ملف فيديو عن الخدمة او المنتج الذي تريد القراءة عنه، ولكن يكون ذلك مشروط غالباً بأن تقوم بتزويدهم باسمك وايميلك وذلك لتتمكن من تحميل او مشاهدة ذلك الملف المفيد. والهدف من الحصول على ايميلك، هو للتواصل معك فيما بعد عن طريق ارسال ايميلات دعائية لك وعرض منتجاتهم وخدماتهم عليك والتي تتوافق مع ما تبحث عنه وتحتاجه. والهدف من مرحلة الوعي هو كسب إعجاب الزبون وجعله يدرك ان الشركة على قدر ممتاز من الخبرة والتميز فيما يبحث عنه.

عل أي حال، بعض الأشخاص يتوقف عند هذه المرحلة ويكتفي بقراءة معلومات عن المنتج او الخدمة ولا يكمل وتنتهي رحلته كزبون محتمل عند هذه المرحلة الا وهي مرحلة الوعي Awareness Stage، ويبدل رأيه او يلغي فكرة اهتمامه بذلك المنتج او الخدمة.

ولنفرض بأنك بعد قراءة الفروقات بين أجهزة الحاسب الآلي الشخصية وأجهزة الحاسب الآلي المحمولة اقتنعت بأجهزة الحاسب الآلي المحمولة، وقررت بأن جهاز الحاسب الآلي المحمول هو المناسب والأفضل لك.

في هذه اللحظة تدخل للمرحلة الثانية من رحلة الزبون ألا وهي مرحلة الاعتبار Consideration Stage، وهي مرحلة هامة حيث يتغير فيها اهتمامك من القراءة والفضول فقط عن الموضوع إلى التفكير بشكل جاد في عملية الشراء وأنك أصبحت تعتبر موضوع شراء الحاسب الآلي المحمول أمر مهم، ولكنك مازلت تريد البحث عن أفضل الأجهزة المحمولة، لذلك ستتجه لمحرك البحث قوقل، وتكتب عبارات مثل “أفضل الأجهزة المحمولة” او “أفضل جهاز محمول للاستخدام الشخصي” او “ارخص جهاز محمول بمواصفات ممتازة” او أي عبارة تعبر عن ما يدور في بالك وتريد الوصول إليه.

هل لاحظت ان في كل مرحلة من مراحل الزبون السابقة وهي مرحلة الوعي Awareness Stage ومرحلة الاعتبار Consideration Stage تقوم بشكل لا ارادي بتغيير نوع الأسئلة او العبارات التي تكتبها في محرك البحث قوقل؟! لماذا يحدث ذلك؟ هذا يحدث لأن نية البحث Search Intent لديك تغيرت، ففي مرحلة الوعي Awareness Stage كنت تقرأ بشكل عام ومن باب جمع المعلومات فقط والفضول لذلك كانت العبارات والاسئلة التي تقوم بكتابتها في قوقل عامة، ولكنك عندما انتقلت لمرحلة الاعتبار Consideration Stage أصبح الهدف عندك أكثر وضوح لذلك نوعية العبارات والاسئلة تغيرت وأصبحت اكثر تركيز ومحددة. لذلك ستقوم الشركات في مرحلة الاعتبار بكتابة محتوى سواءً مقالات او مقاطع فيديو مناسبة لهذه المرحلة يتم في هذا المحتوى اظهار مميزات منتجاتهم و مايجعلها مختلفة وافضل من منتجات الشركات المنافسة، الهدف من ذلك هو اقناعك بتميز منتجاتهم وخدماتهم، ويستمرون بإغراقك بالإيميلات عن منتجاتهم وخدماتهم المتعددة. الشركات تعلم بأنك لن تفتح كل ايميل تسويقي يصل إلى بريدك الإلكتروني، لذلك يستمرون بالارسال لك بشكل دائم ومتكرر عسى ولعل أن تفتح احد إيميلاتهم الدعائية في وقت من الأوقات تكون في حاجة للمنتج او الخدمة التي يقدمونها.

بعد ان قمت بالقراءة عن أفضل الأجهزة المحمولة او أرخصها في مرحلة الاعتبار Consideration Stage لابد انه وقع اختيارك على جهازين او عدد من الأجهزة لفتت انتباهك وأصبحت مهتم أكثر بها ولكن تريد ان تقارن بينها بشكل اكبر لكي تتخذ قرار الشراء.

في هذه اللحظة تدخل المرحلة الثالثة والأخيرة من مرحلة الشراء ألا وهي مرحلة اتخاذ القرار Decision Stage، وهي المرحلة التي يتم التركيز فيها بشكل أكبر وتصغير دائرة المقارنات لديك بين عدد قليل من الخيارات [الأجهزة] التي أصبحت في دائرة اهتمامك. هنا ستتجه مرة أخرى لمحرك البحث قوقل وتكتب عبارات أو أسئلة مركزة ومحددة جداً مثل “الفرق بين جهاز DELL XXXXX وجهاز HP XXXXX؟” او “أيهما أفضل جهاز TOSHIBA XXXXX أو جهاز LENOVO XXXXX؟”، حينها ستظهر لم مجموعة من نتائج البحث تجاوب على استفسارك او المعلومة التي تبحث عنها. نتائج البحث هذه عادةً ماتكون عبارة عن محتوى مكتوب بشكل مخصص لهذه المرحلة من مراحل الزبون، كأن تقرأ رسالة مثل “تواصل معنا لأعطائك أفضل العروض والأسعار” أو رسالة أخرى مثل “تحدث مع أحد الخبراء لدينا لتزويدك بكافة التفاصيل حول المنتج الذي تبحث عنه” او غيرها من العبارات التي تجذبك بشكل كبير للضغط على رابط الموقع والاطلاع على العرض الذي ستقدمه لك الشركة عن المنتج الذي تبحث عنه.

هذه المراحل الثلاث الا وهي مرحلة الوعي ومرحلة الاعتبار ومرحلة اتخاذ القرار هي المراحل الرئيسية لجذب واقناع الزبائن لشراء أي منتج او خدمة، بعض الكتب والمراجع تفصل في هذه المراحل وتضيف مراحل أكثر تصل إلى خمس مراحل ولكن مازالت هذه المراحل الثلاث هي الأشهر والاكثر استخداماً عند تسويق اي منتج او خدمة. والمهم الذي يجب أن يعرفه الزبون هو ان الشركات تستخدم محتوى نصي وفيديو مختلف في كل مرحلة لإقناعك بالشراء، حيث لا يمكن استخدام نفس المحتوى في كل المراحل.

ومن المشهور عند المختصين في التسويق، ان الزبون يحتاج احياناً إلى أكثر من سبع رسائل او سبع مرات تواصل لكي يقتنع ويبدي اهتماماً بالمنتج او الخدمة وعلى فترات متباعدة، لذلك تستمر هذه الشركات بإغراقك بالرسائل والتواصل بشكل دائم ومستمر على أمل أن تلفت إنتباهك إحدى رسائلهم وتجعل منك زبوناً يشتري منتجاتهم وخدماتهم.

أترك تعليق