منذ أول يوم دراسي للطفل في المدرسة، يتطلع الأبوان لليوم الذي يكمل فيه ابنهما دراسته الجامعية والتي تؤهله إما لسوق العمل أو لإكمال دراسته العليا.

هذا الطموح يصبح هو وقود الحماس للطالب حينما يصبح واعيا ومدركا لأهمية الدراسة، فالشهادة الجامعية بالنسبة له هي تتويج لسنوات عديدة من التعب والكفاح والجد والاجتهاد بدأت منذ نعومة أظفاره وحتى أشتد عوده وأصبح شخص مؤهل لخدمة مجتمعه ووطنه.

ولكنه وعند استلامه لوثيقة تخرجه من الجامعة يضطر إما لإخفائها عن الناس أو إظهارها مع طمس بعض المعلومات منها، كالمعدل أو التقدير الذي تخرج به من الجامعة.

لماذا يضطر الطالب لفعل ذلك؟ الإجابات على هذا السؤال قد تختلف، ولكن سيتكرر على مسامعك سببان رئيسيان وهما: (1) عدم رغبة الطالب بمشاهدة الناس لمعدله (وخاصة إذا كان المعدل مرتفعا) خوفا من الحسد أو العين كما يقال، (2) عدم رغبة الطالب في أن يتم التهكم بمعدله (خصوصا عندما يكون معدله منخفضا).

لذلك يضطر الطالب لإخفاء الوثيقة الجامعية في أحد أرفف مكتبته الخاصة أو حتى في صندوق مخصص لأوراق الذكريات والملفات المهمة، وهذا ما كان يفعله تماما أغلب الجيل القديم، أما الجيل الجديد ومع التوسع في استخدام تطبيقات السوشال ميديا أصبح أكثر حماسا في عرض إنجازاته ولكن يقوم الطالب أولا بطمس معلومات المعدل والتقدير من النسخة الالكترونية من وثيقة التخرج ومن ثم عرضها بعد ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ليشارك المتابعين إنجازه الذي يفخر به.

لماذا جعلنا الطالب في جامعاتنا منذ عشرات السنوات وحتى اليوم يضطر إما لإخفاء وثيقة تخرجه أو طمس بعض المعلومات منها عند مشاركتها مع الغير؟ وجود معلومات خاصة مثل المعدل والتقدير هو السبب الرئيس الذي جعل الطلاب يتبعون هذا الأسلوب، وذلك للأسباب التي تم ذكرها آنفا من الخوف من الحسد أو العين أو حتى الخجل من التهكم أو الاستنقاص.

لماذا لا يتم إلغاء المعدل والتقدير من وثيقة التخرج للطالب ويتم الاكتفاء فقط بذكر اسم الطالب، والبرنامج الذي أتم دراسته والكلية التي تخرج فيها والجامعة والسنة فقط، ومن أراد معرفة معدل الطالب وتقديره فيمكنه الحصول على ذلك عن طريق كشف درجات الطالب أو ما يسمى بالـ (transcript).

أغلب الجامعات الغربية تقوم بتسليم الطالب وثيقة تخرج فخمه، لا يوجد فيها معلومات خاصة كالمعدل أو التقدير ويكتفى فقط بذكر معلومات عامة كالاسم والبرنامج الذي قام الطالب بإتمامه والكلية والجامعة والسنة، مذيله بتوقيع من المسؤول عن القبول والتسجيل بالجامعة وتوقيع لرئيس الجامعة.

وهذا ما يجعلك عندما تزور أحد الموظفين او المواطنين في تلك الدول تجده يقوم بتعليق وثيقة تخرجه من الجامعة بمكتبه أو منزله مفتخرا بالمنجز الذي حصل عليه بدون أن يكون عليه ضغط اجتماعي بسبب ذكر معلومات في الوثيقة تعتبر خاصة ولا تهم غيره من الناس.

وزارة التعليم اليوم بقيادتها المميزة تسعى للتطوير على عدة محاور وفي مختلف المواضيع، فحبذا لو تم أخذ موضوع تطوير أو تعديل محتوى وثائق التخرج للطلبة الجامعيين لتصبح مصدر فخر واعتزاز بدل أن تركن في الأرفف أو تطمس منها بعض المعلومات وتخرج بشكل يشوه جمالها ورونقها والمقصود منها.

أترك تعليق