تكاد لا تخلو نقاشات تطوير التعليم عن طرح وإبراز دور التقنية وتأثيرها على هذا القطاع المهم والأساسي لكل أمة تريد أن تضع نفسها في مصاف العالم المتقدم. فمنذ إطلاق التعليم بشكله ونظامه الحالي في القرن الـ 12 حين شيدت المدارس والجامعات التي يقصدها الطلبة لنيل العلم والمعرفة وطريقة التعلم لم تختلف كثيرا، فالطالب في هذا النوع التقليدي من التعليم يلزم بالحضور والانتظام في الدراسة لبضعة أعوام، للتخرج والحصول على الشهادة، ثم السعي في الأرض للبحث عن الوظيفة.
ولكن مع بداية ظهور الإنترنت والانتشار الواسع له في تسعينات القرن الماضي أصبح نظام التعليم التقليدي بعد تسعة قرون تقريبا تحت المجهر، وذلك بغية تطويره وجعله مواكبا للعصر التقني الحديث ومتطلباته. فالإنترنت فتح الأبواب مشرعة للجميع من أجل التعلم. فمن أراد اليوم تعلم موضوع ما أو مهارة معينة يستطيع ذلك من خلال الدخول للإنترنت وقراءة ومشاهدة العشرات بل المئات آو الآلاف والملايين من المواد العلمية عن موضوعه أو ما يبحث عنه، دون أن يتكلف عناء السفر لإحدى الجامعات والتسجيل فيها بغية الاستفادة.
ومع التغير في وسائل وطرق ومصادر التعليم لم تعد الجامعات هي المصدر الوحيد للعلم، وأصبح الإنترنت الجامعة الأكبر والأضخم في الحضارة البشرية في يومنا الراهن. فالمواقع التي تقدم العلم والمعرفة تملأ الشبكة العنكبوتية وأصبح التعليم متاحا للجميع وبشكل مجاني، من خلال التعليم المفتوح أو «مواد الإنترنت المفتوحة الضخمة» (Massive Open Online Courses – MOOCs)، والتي تنافس الجامعات بل وتزود الطلبة بشهادات تثبت إتقانهم أو إجادتهم للمواد التي أتموا دراستها على الإنترنت. فكلمة إنترنت تشير إلى أن المادة تقدم عن طريق الإنترنت وكلمة مفتوحة تشير إلى أن المادة مفتوحة للجميع، وليس لفئة معينة فقط، والضخمة تشير إلى العدد الكبير من الطلبة الذين يمكنهم التسجيل لدراسة المادة.
نظام مواد الإنترنت المفتوحة الضخمة هو نظام حديث – نشأ بدعم من جامعات عدة بالولايات المتحدة – ويعني تقديم المواد العلمية بشكل مجاني للجميع (بعض المواد في نظام الـ MOOCs تتطلب بعض الرسوم وذلك مقابل تصحيح الاختبارات والواجبات وطباعة وإرسال الشهادة لكونها تحتاج موظفين للقيام بهذا العمل).
هذا النوع من التعليم يقدم المحتوى المجاني لعدد هائل من الطلبة، حيث يصل عددهم في المادة الواحدة أحيانا إلى عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من مختلف أنحاء العالم، وهذا ما لا يمكن أن تستوعبه أكبر قاعة تعليمية في أي جامعة بالعالم.
كما يقدم هذا النظام فرصة التعليم المجاني لطلاب الدول الفقيرة الذين لا تتوفر لهم فرصة الالتحاق بالجامعة، فبإمكان طالب موجود في الهند الآن إتمام إحدى المواد الدراسية المقدمة من جامعة هارفارد في الولايات المتحدة عن طريق الإنترنت دون الحاجة لوجدوه في الولايات المتحدة. ومن أمثلة المواقع التي تقدم هذا النوع من التعليم باللغة الإنجليزية كورس ايرا ويوداسيتي وايديكس ومواقع بعض الجامعات الغربية، أما المواقع العربية المماثلة فهي عديدة كذلك مثل رواق وإدراك وغيرهما.
رغم وجود بعض المعارضين للتعليم على الإنترنت بسبب ما يشيرون إليه من مشاكل في الجودة والمتابعة الدقيقة للطلبة وبناء الانضباط لديهم عن طريق الالتزام بالحضور والانصراف واحترام المواعيد، إلا أن هذا النظام يتقدم بشكل سريع ويقدم المهتمون به حلولا لكل المشاكل التي تطرح من قبل المعارضين، ويبقى الطالب دائما في هذا النوع من التعليم هو المسؤول الأول والأخير عن قيادة ومتابعة احتياجاته العلمية والتخطيط لما يريد الوصول إليه.
-
- تقدم مواده للجميع مجانا، ويستوعب عددا كبيرا من الطلبة
-
- يقدم فرصة التعليم المجاني لطلاب الدول الفقيرة الذين لا تتوفر لهم فرصة الالتحاق بالجامعة
-
- من المواقع العربية التي تقدم هذا النوع من التعليم رواق وإدراك وغيرهما
-
- الطالب هو المسؤول الأول والأخير عن قيادة ومتابعة احتياجاته العلمية والتخطيط لها