بعض الجامعات تستغل نقاط القوة فيها وتبدأ التركيز على تسويق ذلك بالطرق المباشرة أو غير المباشرة، ولعل أوضح الطرق المباشرة في التسويق التي تتبعها الجامعات هي الرسائل الإعلامية النصية والصوتية والمرئية على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والفعاليات والأنشطة التي تقدمها وتقيمها والتي تتحدث عن تميز الجامعة في المجال التعليمي أو البحثي أو الجوائز التي حصل عليها أعضاء هيئة التدريس أو الطلاب، وتصب جميعها في تعزيز اسم وصورة الجامعة بشكل إيجابي. كذلك الحملات التطوعية المتنوعة التي تقيمها الجامعات وتناقش أو تعالج أو تقدم خدمات في مواضيع مجتمعية أو بيئية أو صحية أو تعليمية تساعد في تسويق تلك الجامعات وإعطاء نبذة عن مجهودها في عدد من المواضيع خصوصاً في مجال الأبحاث والخدمات اللاصفية، التسويق بالطرق المباشرة تعمل به أغلب الجامعات إن لم يكن كلها، لذلك لن يكون هو محور تركيز حديثنا في هذا المقال.

في المقابل، التسويق بالطرق غير المباشرة تتفاوت فيه الجامعات بشكل كبير، فبعض الجامعات تولي للطرق غير المباشرة في التسويق اهتمام ودعم وبعضها قد لا تنتبه لذلك بسبب تركيزها على أمور أخرى، ولكن ما التسويق بالطرق غير المباشرة؟

التسويق بالطرق غير مباشرة بالنسبة للجامعات لا يكون عن طريق إظهار قوة المناهج أو جودة الأبحاث أو أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، فهذه النقاط لا جدال عليها من حيث الأهمية وتعتبر هي ركائز القوة في أي جامعة في العالم.

التسويق بالطرق غير المباشرة يكون عن طريق خلق بيئة جاذبة داخل الحرم الجامعي وتوفير الخدمات المتنوعة التي يحتاجها منسوبي الجامعة من أعضاء هيئة تدريس وطلاب وكادر إداري وزوار، الجامعة ليست مكان للمحاضرات أو معامل أبحاث فقط! الجامعة بيئة متكاملة يحتاج أن يشعر فيها الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وباقي منسوبي الجامعة بأنهم جزء من المجتمع، لذلك لا بد أن تندمج الجامعات مع المجتمع المحيط بها ليس فقط عن طريق الشراكات والاتفاقيات، ولكن أيضاً عن طريق انفتاحها في استيعاب الجهات الحكومية والخاصة بين مبانيها وطرقها إن أمكن ذلك، وإلغاء الحواجز التي تعزز من عزلة الجامعات عن المجتمع، وكذلك استيعاب بعض أنواع الخدمات الرئيسية كمحطات النقل أو مراكز التسوق أو مجمعات المطاعم والمقاهي أو المكتبات العامة أو غيرها من الجهات أو الخدمات التي يمكن أن تزيد من الحركة والحياة داخل الجامعة.

ومن الأمور الهامة كذلك التسويق عن طريق بيع بضائع ومنتجات تحمل هوية وشعار الجامعة يتم بيعها عن طريق متجر الجامعة. قد يعتقد البعض بأن مثل هذا الأمر غير مهم وغير مؤثر ولكن الواقع والتجربة تثبت أهمية متجر الجامعة ليس فقط في صنع هوية الجامعة ولكن أيضاً في انتشار وتعزيز هوية الجامعة بين منسوبيها وزوارها، التسويق عن طريق متجر الجامعة تفوقت فيه جامعات أمريكا الشمالية وخاصةً الجامعات الأمريكية بالتحديد، أغلب جامعات أمريكا الشمالية توجد فيها متاجر لبيع منتجات عليها هوية الجامعة.

الجامعات المتميزة توجد في أماكن عديدة حول العالم، وليس في أمريكا الشمالية فقط، فاليابان وكوريا وأستراليا والصين والهند وماليزيا ودول أوروبا الغربية كبريطانيا وألمانيا وفرنسا وايرلندا ودول شمال أوروبا ودول الشرق الأوسط كالسعودية ومصر وتركيا وغيرها من الدول توجد فيها جامعات قوية ومميزة، والمناهج في تلك الجامعات تكون احياناً أقوى من تلك الموجودة في بعض جامعات أمريكا الشمالية، ولكن ما يميز جامعات أمريكا الشمالية وخصوصاً في الولايات المتحدة هو براعتهم في التسويق غير المباشر لجامعاتهم. ولتعلم لأي مرحلة يصل تأثير هذا التسويق وهوس التعلق بالجامعات لديهم، تجد أن العديد من سكان المدن التي توجد بها تلك الجامعات حتى وإن لم يكونوا منتسبين للجامعة فإنهم يرتدون ملابس أو يحملون أمتعة وأكواب وأدوات عليها شعار وهوية الجامعة ويفاخرون بها، وهذا ما يسمى بصناعة الهوية والعلامة التجارية Branding، فمن الطبيعي جداً أن تجد العديد من الأشخاص في المولات التجارية هناك أو في أماكن السينما أو المطارات أو الفنادق أو في الملاعب يرتدون ملابس عليها شعار وهوية الجامعة التي يدرسون بها أو توجد في مدينتهم، حتى إن زوار تلك الجامعات غالباً لا يغادرون الحرم الجامعي إلا بعد أن يقوموا بزيارة متجر الجامعة وشراء بعض الأغراض منه كذكرى.

من أنواع التسويق غير المباشر للجامعات أيضاً هو مشاركة الجامعة في تقديم مواد (كورسات) في منصات التعليم الإلكتروني المختلفة، كمنصة كورس ايرا (Coursera) أو منصة فيوتشر ليرن (Future Learn) أو منصة إيدي إكس (Edx) أو غيرها من المنصات التعليمية الإلكترونية المشهورة. تواجد الجامعة وتقديمها لمواد في مثل هذه المنصات يعتبر من أهم طرق التسويق غير المباشر لاسم الجامعة، حيث يبلغ عدد المسجلين في تلك المنصات والمتابعين لها ملايين الأشخاص من كافة دول العالم. لك أن تتخيل أن بعض المواد المعروضة في تلك المنصات يصل الطلبة المسجلين فيها لأكثر من 70 ألف طالب وطالبة من كافة أنحاء العالم، وعندما يتم تقديم المادة مرتين أو ثلاث مرات في العام يتجاوز عدد المسجلين فيها أكثر من 200 ألف طالب وطالبة، كثرت تكرار اسم الجامعة في تلك المنصات التعليمية يزيد من معرفة الناس بها وإعجابهم بالمحتوى المقدم من الجامعة خاصةً عندما يكون محتوى المادة وطريقة العرض جيدة وتكون كذلك في أحد المواضيع المهمة في الحياة.

الجامعات اليوم تحتاج أن تفكر جدياً ليس فقط في التركيز على الطرق المباشرة في التسويق كالرسائل الإعلامية والمشاركات والحملات المتنوعة ولكن أيضاً في استخدام الطرق غير المباشرة التي تم التطرق لها في هذا المقال، وذلك ليتكامل العمل وتعزز صورة الجامعة بشكل قوي وممنهج.

أترك تعليق