يخلط العديد من الأشخاص بين مفهوم العلوم [Sciences] ومفهوم الهندسة [Engineering] على الرغم من تكرار هذه المصطلحات على مسامعهم بشكل دائم. كذلك الطلاب أحياناً لا تكون الصورة واضحة لديهم عند الحديث عن العلوم والهندسة، فيبدأ البعض يسأل عن هذا الموضوع عند رغبته في الإلتحاق بالجامعة، هل أدخل احدى تخصصات العلوم ام احدى تخصصات الهندسة؟ في هذا المقال سأقوم بشرح الفرق بينهما ولكن بشكل عام ومبسط يستطيع فهمه اي شخص حتى وان لم تكن له خلفية بتخصصات العلوم والهندسة المختلفة.
اذا ماهو الفرق بين العلوم والهندسة؟
العلوم مثل الفيزياء والكيمياء والأحياء والفلك والجيولوجيا وعلم الفضاء وغيرها من العلوم المختلفة الأخرى تهتم بدراسة العالم من حولنا بشكله الطبيعي والمادي، اي ان العلوم تهتم بفهم الظواهر الطبيعية وملاحظتها والبحث عن إجابات عن أسئلة مثل لماذا تتشكل الذرات بشكل معين؟ او لماذا تميل التربة للون البني؟ او لماذا يحدث انصهار لمادة معينة عندما تتعرض لأشعة الشمس؟ او غيرها من الاسئلة التي يكون الهدف منها هو الفهم والاكتشاف ومعرفة الأسباب. لذلك، الاكتشاف والفضول هي من الدوافع المهمة في العلوم.
أما الهندسة، فهي إيجاد الحلول لمشاكل يواجهها الانسان في حياته والمحيط الذي يعيش فيه. لذلك نجد المهندسين يعملون على تصميم وصناعة المنتجات او تقديم حلول خدماتيه تساعد في حل المشاكل التي يواجهها الانسان بحيث تتحسن الحياة للافضل. ويمكن القول بأن الهندسة هي نوع من العلوم التطبيقية، حيث تعتمد الهندسة على النظريات والمفاهيم والاكتشافات العلمية التي توصل لها العلماء في العلوم المختلفة واستخدامها في تصميم وصناعة المنتجات او الخدمات التي يعملون عليها لحل المشاكل التي تواجههم.
لتوضيح الفرق بشكل واضح، لنأخذ المثال التالي:
لو كان هناك جزيرتان متجاورتنا ولكنهما معزولتنا عن بعضها البعض ولا يستطيع السكان في كلا الجزيرتين من الانتقال فيما بينهما. حينها يقرر المسؤولين في الجزيرتين بناء جسر بينهما يساعد على ربط الجزيرتين ببعضهم البعض. لذلك سيقوم المهندسين بعمل المخططات اللازمة لبناء الجسر والتي تشمل التصاميم الهندسية ورصد جميع العمليات والادوات الضرورية لنجاح العمل. هذا العمل الهندسي سيعتمد بشكل اساسي على النظريات والمفاهيم التي تم اكتشافها في العلوم المختلفة، كتلك التي انتجها علم الفيزياء والتي تتعلق بكل ماله علاقة بقوانين الجاذبية والقوة والطاقة والضغط الجوي وغيرها وكذلك علم الجيولوجيا والذي يتعلق بالقوانين الخاصة بخصائص التربة والاحجار وانواعها ودرجة تحملها وغيرها من المفاهيم والقوانين ذات العلاقة. يتضح هنا اعتماد الهندسة على العلوم عند تصميم وصناعة المنتجات، حيث ان العلوم هي البذرة التي يتم من خلالها فهم الظواهر واكتشاف المجهول وسن القوانين التي تشرح كل ما يدور من حولنا.
في المقابل، يحتاج تخصص العلوم للهندسة ايضاً، حيث ان القيام بالدراسات والاكتشافات وفهم الظواهر الطبيعية يتطلب دائماً وجود ادوات واجهزة لقياس ورصد وتسجيل التجارب و ماينتج عنها من بيانات ومعلومات مهمة ومفيدة للبشرية، تلك الادوات والاجهزة هي نتاج علم الهندسة. ومنها يتضح ان الارتباط بين العلوم والهندسة هو ارتباط تكاملي، حيث يكمل كل منهما الآخر، فالعلوم تقدم النظريات والفرضيات وتسبر اعماق المجهول وتقدم الاكتشافات، في المقابل يستفيد القطاع الهندسي من تلك الاكتشافات والمفاهيم والنظريات والفرضيات في تقديم حلول مفيدة للبشرية على شكل منتجات وخدمات ترفع من جودة حياة الانسان.
يقول العالم الامريكي ثيودور فون كارمان المختص بعلوم الفضاء: ”يدرس العلماء العالم كما هو، ويقدم المهندسون عالمًا لم يكن موجودًا من قبل“.
”Scientists study the world as it is, engineers create the world that never has been.“
–Theodore von Kármán