في عالم الأعمال وبيئة العمل والعلاقات الشخصية، يسعى الكثيرون للنجاح وكسب احترام ودعم الآخرين. لكن، يتفاجئ البعض بعدم مقدرتهم على احراز اي نجاح او تعثر المشاريع التي يعملون عليها، او زيادة معدل العداوات في العمل او بروز خلافات او عدم توافق مع من يعلمون معهم في نفس المنشأة على الرغم من امتلاكهم لخبرة واسعة ومعلومات عميقة في مجال تخصصهم. حينها يبدأ مثل هؤلاء في البحث عن اعذار يبررون فيها لأنفسهم أسباب ذلك التعثر او العقبات التي يواجهونها بشكل مستمر، فتجدهم يلقون باللوم على فريق العمل، او على بيئة العمل المحيطة، او على طريقة او اسلوب من يتعاملون معهم او على قائمة طويلة من العوامل الأخرى المتعددة. ولكن العامل الاهم الذي قد يتجاهلونه هو ضعفهم في ما يسمى بالذكاء الاجتماعي والذكاء العاطفي.

وفي مقال منشور على موقع ”التعلم مدى الحياة – Lifelong Learning“ [التابع للجامعة العالمية [International University – ie] في أسبانيا، وهي من أشهر الجامعات على مستوى العالم] يتطرق للفرق بين الذكاء الاجتماعي والعاطفي، وكيف انها ذات اهمية بالغة للنجاح في العمل والحياة، نقتبس العبارة التالية لأهميتها:

Even if you have the qualifications on paper, a lack of social intelligence could lead to strained or ruined relationships, as well as lost opportunities.

حتى لو كانت لديك المؤهلات على الورق، فإن الافتقار إلى الذكاء الاجتماعي قد يؤدي إلى توتر العلاقات أو تدميرها، فضلاً عن ضياع الفرص.

وبشكل عام، موضوع الذكاء الاجتماعي وأهميته في بيئة العمل تمت دراسته في أبحاث عديدة، وتم الحديث عنه من قبل المختصين في مجال القيادة وعلم النفس والباحثين في السلوكيات. في الحقيقة، من احد اهم الدوافع التي كانت ومازالت تقف خلف البحث عن مسببات توتر العلاقات في بيئات العمل او عدم نجاح المشاريع، هو تعجب العلماء والباحثين من عدم مقدرة بعض الاذكياء او المتميزين علمياً في النجاح في ادارة المشاريع او خلق بيئات عمل صحية؟! كيف يكسب مثل هؤلاء عداء الناس ويفشلون في مشاريعهم من خلال عدم ادراكهم لأهمية ما يسمى بالذكاء الاجتماعي والذكاء العاطفي؟ وكلمة العداء المذكورة في عنوان المقال لا تعني بالضرورة التعريف الدراج لكلمة ”عداء“ والتي من ضمن معانيها نشوء الكراهية او الحقد والبغض، وانما يقصد فيها عدم الاتفاق او الارتياح او التعاون في بيئات العمل، مما يؤثر على انجاز الاعمال داخل المنشأة على الوجه المطلوب وتحقيق النتائج والاهداف المرسومة.

في هذا المقال، أحاول أن أسلط الضوء على بعض السلوكيات والممارسات التي قد تؤدي إلى هذه النتائج غير المرغوبة.

  1. عدم الاستماع وتجاهل الآراء:
    ان اردت ان تحبط فريق عملك ومن يعمل معك، فالعملية بسيطة جداً، كل ما عليك هو تجاهل أراءهم او مقترحاتهم بشكل دائم ومستمر وسيضمن لك الجميع بأنك ستكون وحدك في نهاية الأمر. قد يتفهم الفريق الذي يعمل معك عدم أخذك بأراءهم في بعض المواضيع وعدم الاستماع لوجهة نظهرهم وذلك بسبب بعض الحيثيات او الظروف الاستثانئية احياناً وهذا وارد وقد يحدث، ولكن أن يكون هذا هو منهجك وديدنك في مجال عملك، فتأكد بأنه سينتهي المطاف بك وحيداً، أو ستحصل على فريق عمل محبط ليس لديهم أي ذرة حماس في العمل معك او تزويدك بالأفكار او المقترحات المفيدة التي تنهض وتطور من العمل. تجاهل آراء ومشاعر الآخرين هو أحد أسرع الطرق لخلق بيئة عمل سلبية او سامة كما يطلق عليها البعض. لذلك، الفشل في الاستماع لاعضاء فريقك او من تعمل معه يمكن أن يؤدي إلى سوء الفهم والتوتر في العلاقات. في الواقع، القائد الناجح هو من يحسن الاستماع لمن يعمل معه، حتى وان لم يأخذ برأيه لسبب قد يراه القائد ولا يراه الموظف. ولكن الاستماع الجيد والفعال يشعر به من يتحدث معك، ويعلم جيداً بأنك تحرص فعلاً على ما يتم النقاش معك حوله، او ما يطرح عليك من أفكار ومقترحات. الموظف المسؤول الذي يسعى لخلق بيئة صحية، يتحدث بوضوح مع فريقه ويخبرهم بالتحديات او المعوقات بدبلوماسية وبدون اتهام لجهات أخرى او اشخاص معينين، ويضع مع يعمل معه في الصورة سواءً كانت هذه الصورة ايجابية ام سلبية. هذا الوضوح سيبني الثقة بشكل كبير وسيجعل فريقك يعمل معك بكل اخلاص وسيحاول كل فرد منهم بأن يكون عوناً ومساعداً في تنفيذ العمل على الوجه المطلوب.
  2. عدم الثقة والتحكم المفرط:
    محاولة التحكم في كل جانب من جوانب المشروع أو عدم تفويض المهام يمكن أن يثير استياء الفريق ويقلل من الكفاءة والإبداع. أعضاء فريقك لديهم المقدرة على قراءة شخصيتك بشكل جيد، ومن خلال تجربتهم للعمل معك، يعلمون مدى ثقتك بهم من عدمها. بعض الاشخاص، لديه ارتياب من عدم اتقان الموظفين لأعمالهم، لذلك تجده يتولى انجاز الامور بنفسه، ويتابع حتى التفاصيل الصغيرة التي من المفترض أن يتولاها اعضاء فريقه. العديد من الموظفين او اعضاء فريقك حتى وان لم تكن لديه الدراية في انجاز بعض الامور، يمكنك ان تعمل معهم على عدد من المشاريع في بداية الأمر وخلال العمل على تلك المشاريع سويةً تخبرهم بالطريقة الصحيحة لأنجاز الامور وتزودهم بالملاحظات بشكل مستمر. إن اعطاء الملاحظات خلال العمل على المشاريع يعتبر عامل مهم في اكساب الموظفين الخبرات المطلوبة وبالتالي الارتقاء بمستوى الجودة بالعمل. كذلك، لا تنسى شكرهم والثناء عليهم عندما يؤدون العمل بشكل جيد. بعد عملك المباشر معهم على عدة مشاريع، يمكن تكليفهم بمشاريع كاملة بدون الدخول معهم بالتفاصيل وستجد بأنهم اصبحوا على دراية جيدة في انجاز العمل والحصول على النتائج المرجوة.
  3. عدم الاعتراف بالأخطاء وعدم تحمل المسؤولية:
    الفشل في تحمل المسؤولية عن الأخطاء وتوجيه اللوم دائمًا للآخرين يمكن أن يؤدي إلى فقدان الاحترام والثقة مِن قِبل مَن يعمل معك. بعض من يقود الموظفين ليست لديه الشجاعة في تحمل المسؤولية امام موظفيه او الجهات المسؤولة، فعند وقوع اي خطأ او حدوث أي مشكلة يسارع في تحميل الاخرين مسؤولية الفشل او الخطأ حتى قبل ان يجري تدقيق وفحص في سبب المشكلة او أسبابها، والمصيبة تكون أكبر حينما يلقي باللوم على غيره من الموظفين عندما يكون هو السبب الرئيسي في حدوث ذلك الخطأ او الخلل. هذه النقطة بالتحديد، تجعل الموظفين يتوقفون عن دعم رئيسهم بشكل تدريجي مع الوقت، وذلك لمعرفتهم بأنه سيتخلى عنهم في حال وقوع أي مشكلة حتى وان كانت تلك المشاكل غير مقصودة. الموظف ممكن أن يعمل ليل نهار وبدون أجرة اضافية ان كان واثقاً من دعم رئيسه له ووقوفه معه ان حصلت اي مشكلة او وقع اي خلل. أبجديات الحياة والعمل تخبرنا بأن من يعمل لابد ان يخطئ، فالشخص الذي لا يخطئ لا يمكن ان يكون خبيراً في مجال عمله، والانسان بطبيعته ينمو ويتطور من خلال التجارب التي اغلبها عبارة عن اخطاء او احداث لم يكتب لها النجاح وخرج منها بدروس مستفادة ساعدته في التعلم وكسب الخبرة  والوصول إلى ماهو عليه اليوم من معرفة او مكانه حاليه.
  4. الغرور وعدم التواضع:
    الغرور يمكن أن يؤدي إلى التقليل من شأن الآخرين وعدم تقدير مجهوداتهم، مما يخلق بيئة عمل غير صحية. والغرور هو امر مذموم بين الناس، ومسبباته تختلف منها على سبيل المثال لا الحصر تأثير البيئة المحيطة التي نشأ فيها الشخص او التي يعمل بها، او المكانة المالية او الوظيفية التي وصل لها او المعارف والعلاقات التي يعتمد عليها او غيرها من الاسباب الاخرى المتنوعة، والغرور قد يكون منبعه وسببه هو ثقة الشخص في نفسه وكيف ينظر لذاته وقيمته. تجد بعض البشر حتى وان كان يرأس موظفين لا يتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة يريد ان تفتح له ليس فقط أبواب المكاتب وانما أبواب السيارات وأبواب القاعات وأي نوع آخر من الأبواب يعطيه نوع من المكانة او التبجيل والاحترام امام الناس. بعض الاشخاص يفسر الغرور بأنه ثقة بالنفس، وأن طريقته هي من تصنع له الهالة او البرستيج التي يحتاجه في عمله وبيئته.
    في الواقع، إن الفاصل بين الغرور والثقة بالنفس هو خط قد لا يراه البعض، لذلك تجده يعبر من الضفة التي تصنف على انها ثقة بالنفس إلى ضفة الغرور بدون ان يشعر بالخط الفاصل بينهما. والحديث في الفروقات بين الثقة بالنفس والغرور قد يطول وليس هو الهدف الرئيسي من هذا المقال، ولكن لكي تعلم على أي ضفة تقف، انظر لما يقوله او يتناقله عنك من يعمل معك ولو كان بطريقة غير مباشرة، فالناس هم شهود الله في أرضه.
    فريق عملك هم اكثر الناس معرفةً بك وبشخصيتك وذلك لانهم يتعاملون معك بشكل يومي، لذا سيواجه القائد صاحب الشخصية التي من سماتها الغرور مقاومة كبيرة، بل قد يتسبب له ذلك في خلق عداوات مع بعض الموظفين في محيط عمله، وسيجد ان بعض الموظفين قد يفضل الانتقال لإدارة اخرى او الانتقال لمنشأة آخرى على التعامل معك. يقول عالم الفيزياء الشهير ألبرت إنشتاين ”الشيء الوحيد الأخطر من الجهل هو الغطرسة“. من هذا المنطلق وان اردت النجاح في عملك وان يدعمك جميع من يعمل معك وتكسب ولائهم، عليك بمعاملتهم بشكل جيد وبدون نظرة فوقيه، حينها تأكد بأنهم سيقدمون الغالي والنفيس من اجل ان تنجح في مهمتك ومشاريعك.
  5. عدم الوضوح في الرؤية والتغيير المستمر في الخطط:
    التغيير المستمر في استراتيجيات أو أهداف العمل بدون توضيح او شرح للأسباب يمكن أن يؤدي إلى الارتباك وعدم الثقة لدى من يعمل معك او تتعامل معهم. بعض القادة حتى وان كان يفهم او لديه استيعاب جيد لرؤية المنشأة التي يعمل بها، لا يقوم بتوضيح هذه الرؤية لمن يعمل تحت ادراته حتى وان كانوا من اصحاب المناصب القيادية. احياناً، تجد الموظفين يتفاجئون بتغيير جذري لم يكونوا على دراية به البتة، او تبديل لخطط هامه شاركوا بإعدادها سابقاً وبذلوا فيها مجهودات كبيرة ولكن تفاجئوا بتغييرها بدون ان يوضعوا بالصورة. هذا النوع من عدم الوضوح او التغيير المستمر في الخطط والغير مبرر قد يجعل الموظفين يترددون في العمل معك على اي مشاريع تطويرية تحسن من صورة المنشأة مستقبلاً.
  6. تجاهل التطوير المهني وعدم الاستثمار في الموظفين:
    عدم الاهتمام بتطوير مهارات الفريق وتجاهل الاستثمار في تعليمهم وتدريبهم يمكن أن يؤدي إلى ضعف الأداء وفقدان المواهب عن طريق انتقالها لجهات أخرى توفر لهم فرصة تطوير أنفسهم بشكل افضل. بعض القادة لا يهتم بمعرفة احتياجات من يعمل معه من ناحية تطوير مهاراتهم وحصولهم على الفرص التدريبية والتعليمية التي تكسبهم المهارات اللازمة لرفع جودة العمل وتحسين الآداء. فبعض الموظفين لا يذكر آخر دورة قام بحضورها او ماهي آخر ورشة عمل شارك فيها، بل البعض لا يذكر من التعليم او التدريب إلا ماتلقاه خلال دراسته في المرحلة الثانوية او البكالوريوس. التطوير المهني والتدريب المستمر هو من المسلمات التي لا غبار عليها في أي منشأة، والتي ترفع من مستوى مهارات وثقافة الموظفين وتُجوَّد من خبراتهم في مجال العمل الذي يقومون به. التحديث والتطوير تحتاجه الاجهزة التقنية والحاسوبية لتبقى في عطاء مستمر وتحسن من مخرجات العمل، فالانظمة التقنية القديمة لا يمكنها ان تنجز الاعمال بالشكل المطلوب بل سيظهر ذلك جلياً في ضعف المخرجات والانتاج بشكل عام، فما بالك بتطوير البشر وتحديث معلوماتهم وتدريبهم على آخر ماتوصل له العلم او التقنية! ولأهمية هذا الموضوع لا توجد غالباً جهة وظيفية إلا ويوجد فيها قسم مختص بالتدريب والتطوير، وعلى القائد معرفة احتياجات موظفيه التدريبية والتعليمية ورسم خطة مناسبة للموظفين لتطويرهم مهنياً ومعلوماتياً ان اراد النجاح في عمله.
  7. التواصل السيئ:
    التواصل غير الفعال يمكن أن يؤدي إلى سوء الفهم والأخطاء ويقوض الثقة داخل الفريق. هذا الامر في الواقع هو احد الاسباب الجوهرية في تعطل بعض المشاريع او ضعف مخرجاتتها. بعض من يقود فرق العمل، لا يحسنون الحديث مع اعضاء فريقهم او من يشاركهم العمل على المشروع سواءً من داخل المنشأة ام من خارجها، فتجدهم يتحدثون مع فريقهم او زملاء العمل او العاملين معهم بفوقيه وكأنهم في برج عاجٍ، او بطريقة فيها قسوة او اسلوب عنيف، لا يُفهَم منه إلا الاوامر المطلقة التي لا تقبل النقاش.
    وجودك كمسؤول عن العمل او احد المشاريع يتطلب فهمك لانواع الموظفين الذين يعملون معك، حيث لا يمكنك ان تعامل الجميع او تتحدث معهم بنفس الطريقة. واعضاء الفريق الذي يعمل معك يمكن تقسيمهم من حيث مستويات التواصل كالتالي:

      1. المستشار او الخبير:
        هذا النوع من اعضاء الفريق او زملاء العمل يحتاج تعامل من نوع خاص، فأنت في الحقيقة بحاجة له أكثر من حاجته لك. ومن يندرجون تحت هذا النوع غالباً هم اشخاص عمليين ويعلمون جيداً مدى اهمية الانتاج، ولديهم خيارات متعددة اكثر من غيرهم في الانتقال لأمكان عمل خارج المنشأة. لذلك التواصل معهم يحتاج حذر وعناية كبيرة كونهم لا ينظرون إليك كرئيس عمل، وإنما كزميل او ند مساوً لهم في المكانه او المعرفة، بل بعض الموظفين يتجاوز من يرأسه بالخبرة والمعرفة. التواصل مع هذا النوع بطريقة سلبية او جافة، ستجعلهم ينتقلون للضفة الأخرى التي لا تريد التعاون معك، او من الممكن ان تحدث صدامات او في أقل الأحوال سيبقون على الحياد وسيقومون بأداء اقل المهام المطلوبة منهم وبطريقة غير احترافية، وهذا بدوره سيؤثر على جودة الاعمال ويبث الروح السلبية في بيئة العمل.
      2. الموظف المسؤول:
        هو الشخص الذي يعمل معك ولكن لديه تكليف ادراي أعلى من بقية اعضاء الفريق، ويمكن ان يتبع له مجموعة كبيرة من افراد المنشأة. في حقيقة الأمر، نجاح عملك او المشاريع التي تقع تحت دائرة مسؤوليتك يعتمد ليس فقط على مدى التزام هذا النوع من الموظفين بالعمل وانما كذلك ايمانه بالرؤية التي تريد تنفيذها في عملك. التواصل الغير جيد مع هذا الشخص، يعني الحكم على اعمالك او مشاريعك إما بالفشل او على أسوء الاحوال بالتعطل لفترة من الزمن قد تؤثر على الخطط التي قمت برسمها واعتمادها. لغة الاتصال الواضحة والتي يُفهم منها الدعم والتقدير والتحفيز تساعد بشكل كبير في جعل هذا الصنف من الموظفين يقدم الكثير لضمان نجاح العمل والمشاريع.
      3. الموظف القائم بالعمل [الموظف المُنَفِّذْ]:
        هذا الموظف هو من يشكل القاعدة الصلبة في اي بيئة عمل، وهو من يقوم بتنفيذ العمل وتطبيق الاستراتيجيات على ارض الواقع. يعمل هذا الموظف كعمل الجندي في ساحة المعركة، فمهما وضع القادة من خطط رائعة وذكية وطموحة، إن لم يفهمها هذا النوع من الموظفين او يؤمن بها، لن يكتب لها النجاح، ولن تتقدم المنشأة غالباً خطوات كبيرة للأمام. التواصل المصحوب بالتحفيز والتقدير ورفع المعنويات وتبادل الاحترام والوقوف على حاجاتهم او مساعدتهم في حل مشاكلهم [قدر الامكان] هو اهم مايحتاجه هذا النوع من الموظفين. للأسف بعض من يشغلون المناصب القيادية لا يعير لهذا الموظف اي اعتبار، مما يشيع جو من عدم المودة والتقدير او الولاء للمنشأة، ويعزز في نفوس الموظفين النظرة السلبية تجاه من يرأسهم في العمل، وبالتالي لا تتوقع ان تكون جودة العمل في منشأتك مميزة ان لم تكسب ”الموظف المُنَفِّذ“.
  8. عدم التقدير والتحفيز:
    عدم تقدير جهود الآخرين وتجاهل دورهم في النجاح يمكن أن يؤدي إلى تدني الروح المعنوية وانخفاض الإنتاجية. طبيعة النفس البشرية مهما علا شأنها، هي بحاجة للتقدير، حتى وان كان من خلال العبارات الايجابية او المشجعة التي تزيد من الاصرار والعزيمة. بعض من يعمل معك يعلم بأنه لا توجد لديك خيرات كثيرة بخصوص منحهم ميزات وظيفية، ولكن هم ينظرون في اقل الاحوال على الدعم النفسي منك والمساندة لو من خلال كلمات الشكر او التقدير التي تقولها لهم بين فينةٍ وأُخرى. في العديد من دول العالم وفي مختلف الثقافات، تجد احياناً بعض الموظفين من الممكن بأن يعمل ساعات اضافية او حتى ساعات متأخرة من الليل وبدون مقابل مادي ليس ايماناً منه بالعمل الذي يقوم به، وانما تقديراً ومحبةً وخدمةً لمن يرأسه، فهو يجد منه كل التقدير والاحترام والدعم حتى وان كان معنوياً.
  9. التركيز على الامور الثانوية او قصيرة المدى وتجاهل الرؤية طويلة المدى:
    التركيز فقط على الأرباح القصيرة الأمد او ما تسمى باللغة الانجليزية الـ [Quick Wins] دون النظر إلى الصورة الأكبر يمكن أن يضر بسمعة واستدامة أي مشروع ويقلل من حماس من يعمل معك. فبعض الموظفين قد يفقد الحماس والشغف في ما يقوم به من أعمال بعد مدة من الزمن، بل قد يبدأ بتمرير مهام عمله لغيره من الموظفين للقيام بها وانهاءها. طبعاً، رسم الرؤية طويلة المدى والتخطيط لها هي من اختصاص القيادات العليا في أي منشأة، ولكن شرح هذه الرؤية وتوضيحها للموظفين يجعلهم مساعدين للمنشأة بشكل قوي في الوصول لتلك الرؤية وتحقيق اهدافها بنجاح. حتى ان بعض الجهات تعقد ورش عمل بشكل ربع سنوي ليس فقط مع التنفيذين في المنشأة، بل مع جميع انواع الموظفين من جميع المستويات الوظيفية، وذلك لضمان فهمهم لها وايمانهم بها، حيث أن هؤلاء الموظفين يلعبون دور جوهري في تحقيق الاهداف الاستراتيجية للمنشأة.
  10. عدم الاهتمام بالملاحظات والنقد البنّاء:
    تجاهل ملاحظات من يعملون معك او الموظفين بشكل عام يمكن أن يمنع التحسين والتطوير في بيئة العمل، ويجعلها بيئة تسود فيها النظرة التشاؤمية بين الموظفين. في الحقيقة، ليس كل الملاحظات ممكن الاخذ بها، فبعضها لا يمكن اصلاً تطبيقه، ولكن هذا لا يمنع ان يكون المسؤول مستمعاً جيداً لما يأتيه من ملاحظات او نقد بنَّاء. البشر بطبيعتهم يختلفون، فتجد بعض الموظفين قد يطرح ملاحظات اما غير منطقية او خاطئة، ولكن اسلوب المسؤول في الاستماع لتلك الملاحظات او ذلك النقد البنَّأء قد يجعل الموظف اما ينظر للعمل معك بنظرة ايجابية او نظرة سلبية. سلوك بعض المسؤولين عند سماعهم لبعض الملاحظات او النقد البنَّاء قد يجعل الموظف لا يفكر اصلاً مرة أخرى في الحديث مع الشخص المسؤول عن اي ملاحظة او فكرة تطويرية في العمل، بسبب ان رد بعض المسؤولين يكون قاسياً او جافاً او عصبياً مما يجعل الموظف يندم على طرحه لرأيه أو إبدائه للملاحظة.
  11. الحديث بسوء عن من يعمل معك:
    بعض القادة او المسؤولين قد يسترسل ويطيل الحديث في انتقاد بعض الاشخاص داخل المنشأة، بل يتجاوز البعض منهم الحد المعقول ويصل به الحال لكيل الشتائم او إلقاء الاتهامات بالجملة سواءً بدليل او غير دليل على من يعمل في محيطه او يتعامل معه. مثل هذا الحديث او الكلام السلبي هو بكل تأكيد النقطة التي تعلن انحدار مستوى العلاقات في أي بيئة عمل، وهو أحد أكبر المسببات لتعطل الاعمال وتعثر المشاريع بل والسبب الرئيسي في بث روح الشحناء بين الموظفين داخل المنشأة او خارجها. كن متحفظاً في الحديث في عيوب من يعملون معك او تتعامل معهم، حتى وإن وقفت على بعض الامور التي تم تعجبك او ترق لك، وتأكد ان ما تقوله من حديث خصوصاً الاساءات او الشتائم سوف يصل صداها للشخص المقصود سواءً بطريق مباشر او غير مباشر، والنتجية النهائية هي زيادة شعور الكراهية او في اقل الاحوال عدم الاريتاح، مما ينعكس بشكل طبيعي على انجاز الاعمال وتنفيذ المشاريع، والدخول في نفق ”شخصنة الامور“ المظلم.

ختاماً، حصولك على المؤهلات والشهادات المختلفة او عملك في اماكن متعددة هو أمر مطلوب وجميل ومحمود وعامل مهم في النجاح وظيفياً واجتماعياً وذلك كله يعتبر نصف النجاح، ولكن النصف الآخر يحتاج لذكاء عاطفي واجتماعي يساعدك في التعامل مع الموظفين والناس من حولك بكياسة وفطنة تمكنك من الوصول لأهدافك الوظيفية بكل نجاح. يعتقد البعض خصوصاً عامة الموظفين وعامة الناس أن القيادة أمر سهل وان من يشغل المناصب القيادية هم اكثر الناس راحةً وهناءً، ولكن الواقع يخبرنا بأن القادة تقع على عاتقهم مسؤوليات جسام ويواجهون من التحديات والعقبات ما يجعلهم في تفكير دائم وعمل مستمر على مدى 24 ساعة، حتى ان بعض التحديات قد تحرمهم من النوم بشكل جيد، والمعرفة التي يمتلكونها لا تكفي وحدها لإدارة شؤون عملهم، بل هم يحتاجون للذكاء العاطفي والاجتماعي مثل حاجتهم للمعرفة والمعلومات لكي يقودوا بيئات عملهم بنجاح ويحقووا الاهداف التي تسعى خلفها منشآتهم.

أترك تعليق