في السابق وعند الحديث عن الأمية كان يتبادر إلى الذهن مباشرة أمية القراءة والكتابة، فهي المعيار الوحيد الذي يفصل بين المعرفة ونقيضها، والشخص الذي لا يستطيع الكتابة والقراءة يستعين بغيره من المتعلمين لمساعدته إما في تحرير رسالة أو فك رموز أحرفها.

ولكن الأمية اليوم لم تعد مقتصرة على تعليم القراءة والكتابة فحسب، بل أصبحت تتعدى هذا المفهوم البسيط إلى أمية التقنية والمعلومات، فالطالب اليوم ليس ذلك الطالب في عصر ما قبل التقنية، اليوم يأتي الطالب لمقاعد الدراسة حاملا العديد من المهارات والمعلومات التي قد تفوق معلميه أحيانا. فجيل هذا اليوم لديه خبرة في التقنية منذ السنوات الأولى من العمر ويستخدم التقنية بكل أريحية وسلاسة.

الفارق في التعامل مع التقنية بين أفراد هذا الجيل والجيل الذي ولد في مرحلة ما قبل التقنية كبير كما يشير مارك برنسكي المتخصص في التعليم في ورقته العلمية المنشورة بعنوان «الرقميون بالنشأة والرقميون بالتعلم»، إذ يقصد السيد برنسكي بلفظ «الرقميون بالنشأة» الجيل الذي ولد وترعرع في عصر التقنية، وبالتالي أصبح هذا الجيل على حرفية عالية في استخدام التقنية في شتى مجالات الحياة، فتجده يعبر عن مشاعره وأحاسيسه ويتعلم ويتواصل بفعالية مع بعضه البعض بشكل رقمي، أما الرقميون بالتعلم فهم أولئك الذين ولدوا في زمن ما قبل الطفرة التقنية، وتعلموا التقنية في سن متأخرة، ولكن هذا الجيل حتى وإن أتقن التقنية فهو لا يستخدمها بنفس حرفية وسلاسة جيل التقنية.

ويتفاوت هذا الجيل على حد وصف السيد برنسكي في تعامله مع التقنية، فبعض أفراده يجد صعوبة في التعامل والتكيف معها والاستفادة منها واستخدامها بالشكل الصحيح، والبعض الآخر يتعلم التقنية بشكل أفضل وأسرع.

هذه الفروقات في تشرب التقنية والتعامل معها دفعت العديد من العلماء على التأكيد على عدم مناسبة طرق ووسائل التعليم التي كانت تستخدم في مرحلة ما قبل الطفرة التقنية مع جيل التقنية الحالي. فطبيعة الفصل التعليمي التقليدي الذي يكون مصدر المعلومات فيه هو المعلم أو الأستاذ الجامعي فقط لم تعد هي الطريقة الفعالة في هذا الزمن، حيث أصبح التوجه نحو استخدام التقنية باختلاف أشكالها وتعزيز مشاركة المتعلم «الطالب» في العملية التعليمية باعتباره مكونا رئيسا من مكوناتها، يشارك خلالها بفعالية بالمناقشات خلال الحصص التعليمية. السيد برنسكي يشدد في آخر مقاله على ضرورة أن يفهم الرقميون بالتعلم بشكل جيد طبيعة حياة الجيل الحالي «الرقميون بالنشأة»، وفهم متطلباته بشكل واضح وإعادة صياغة المناهج وطرائق التدريس بما يتناسب مع ذلك كله.

الجيل الحالي والأجيال التي تعقبه ستصبح أكثر انغماسا في التقنية، وستستمر التقنية في التطور المتسارع وتقديم العديد من التسهيلات واختصار الزمن في الوصول إلى النتائج والأهداف التعليمية المطلوبة.

الرقميون بالنشأة :

    • ولدوا في عصر التقنية
    • احترفوا استخدامها في شتى المجالات
    • يستخدمونها بكل أريحية وسلاسة

الرقميون بالتعلم :

    • ولدوا قبل الطفرة التقنية
    • تعلموا التقنية في سن متأخرة
    • لا يستخدمونها بنفس حرفية وسلاسة جيل التقنية

أترك تعليق