فهم جمهورك هو حجر الزاوية في انشاء أي محتوى تريده أن يصل للفئة المستهدفة ليس فقط بالطريقة الصحيحة وإنما كذلك إيصال الرسالة المطلوبة وتحقيق الهدف. هذه الخطوة الأولية هي خطوة جوهرية تؤثر على كل جانب من جوانب إنشاء المحتوى الخاص بك، إبتداءً من اختيار الموضوع إلى نبرة حديثك في المحتوى وأسلوب الكتابة وحتى كتابة آخر حرف من المحتوى ثم نشره لمن تريده ان يصل إليه. فهمك للجمهور الذي تريد استهدافه بمحتواك سيؤدي حتماً إلى محتوى يتردد صداه بين تلك الفئة، كما انه يشجع على التفاعل معه، وكذلك يفي بحاجات من يقرأونه.

فيما يلي اهم الخطوات التي يجب عليك أخذها في الاعتبار عندما تفكر في الجمهور الذي تريد ان يصل إليه محتواك:

  1. اجمع معلومات كافية عن جمهورك (معلومات عامة وسلوكية):
    هذه المعلومات غالباً ما يتم ذكرها في المراجع العربية والانجليزية بالمعلومات “الديموغرافية“ والمعلومات ”السيكوغرافية“، ولكني لا أميل لهذه المسميات كونها نقل حرفي للكلمة من اللغة الانجليزية للغة العربية، وهي تسبب للقارئ لبس في المعنى والفهم. لذلك سأشير في هذا المقال للمعلومات الديموغرافية ”بالمعلومات الاحصائية العامة“ ,وهي معلومات مثل العمر والجنس، ومستوى التعليم، والموقع الجغرافي للجمهور، والحالة الاجتماعية وغيرها من المعلومات العامة التي تصف الفئة التي تستهدفها. معرفتك لهذا النوع من المعلومات يمكنك من اختيار الطريقة الانسب لمخاطبة جمهورك واختيار العبارات المناسبة لهم ولثقافتهم. ومع ذلك، البيانات الاحصائية العامة (الديموغرافية) وحدها ليست كافية، فهي توفر لك جانب واحد فقط من المعلومات عن جمهورك الذي تريد استهدافه بمحتواك، لذا، من المهم أيضاً حصولك على المعلومات السلوكية (السيكوغرافية) الخاصة بجمهورك. المعلومات السلوكية هي ما تصف أراء جمهورك واهتماماتهم وما يثير عواطفهم و ما يشكل قيمهم، وأنماط حياتهم، وأنماط سلوكهم. على سبيل المثال، إذا كنت تكتب لجمهور لديه اهتمامات بالأمور الإقتصادية، فمعرفة أن من يقرأون لك هم في الأساس أشخاص اقتصاديون، متابعون للأسواق المالية المحلية والعالمية وتتراوح أعمارهم بين 30 و60 عامًا، سيساعد في تخصيص محتوى مناسب يناقش العوامل المؤثرة في الاقتصاد والمال، ومعدلات التضخم، والاجراءات الحكومية التي تنظم كل ذلك، مما سيؤدي بالطبع لمتابعة ذلك الجمهور لما تكتب بل والتفاعل معك.
  2. تحديد التحديات والاحتياجات لجهمورك:
    فهم التحديات التي يواجهها جمهورك أو المعلومات التي يبحثون عنها أمر بالغ الأهمية. على سبيل المثال، إذا كنت تكتب لإحدى الصفحات التقنية في احدى الصحف او المجلات او المدونات، وكانت تلك الصفحة موجهة لقراء غير متخصصين في التقنية، قد تكون هذه الفئة من الجمهور تعاني من فهم التقيات الحديثة ولديهم شعور بصعوبة الاندماج مع الجيل الصاعد المتقن للتقنية، لذلك كتابتك لمحتوى يبسط من المفاهيم التقنية الحديثة لهذا الجمهور بلغة واضحة وسهلة ستجلعهم شغوفين بمحتواك ومتابعين له، كونه يلبي لهم أمر مهم هم في حاجة له وهو فهم التقنية بأسهل الطرق وبدون أي تعقيدات. وبشكل عام، تحدث عن تحديات جمهورك او عالج مشاكلهم، وستنال بكل تأكيد اهتمام ومتابعة من تستهدفه بمحتواك.
  3. افهم عادات استهلاك المحتوى لجمهورك: 
    لكل جمهور محتوى مناسب له، فالجمهور الذي يتجاوز عمر الفرد فيه 60 عاماً، ستجد أنه بكل تأكيد يختلف عن الجمهور الذي تتراوح أعمار أفراده بين 18 الى 30 سنة. وهذا ما تسميه بعض المراجع الاجنبية بعادات استهلاك المحتوى (Content Consumption Habits). فهم كيف يستهلك جمهورك المحتوى أمر حيوي ويساعدك في كتابة المحتوى المناسب والذي يوصل الرسالة المطلوبة للفئة التي تستهدفها.
    من الاسئة التي يمكن ان تطرحها على نفسك لفهم استهلاك الجمهور للمحتوى:

    • هل يفضل الجمهور الذي أكتب له المقالات المطولة ام القصيرة؟
    • هل يفضل الجمهور المقاطع الصوتية والبودكاست والفيديو على النصوص المكتوبة؟
    • هل يفضل الجمهور الذي تستهدفه الاسترسال بالطرح ام الاختصار؟
    • هل الجمهور الذي استهدفه يستخدم منصة تواصل اجتماعي معين (مثل منصة إكس او لينكد ان او انستقرام او سناب تشات او تيك توك او غيرها؟)وبشكل عام من غير المجدي بأن تقوم بإنشاء محتوى بصيغة معينة وتكتشف لاحقاً بأن الجمهور الذي تستهدفه لا يحبذ تلك الصيغة من المحتوى. على سبيل المثال، ان كانت اعمار الجمهور الذي تستهدفه بين الـ 15 و 25 عاماً، فإنه من غير المفيد بأن تقوم باستهداف هذه الفئة العمرية بمقالات مطولة، نظراً لأن هذه الأعمار تفضل غالباً المقاطع المرئية (الفيديوهات) على قراءة النصوص الطويلة.
  4. استمع لأراء الجمهور وتفاعلهم:
    استماعك لرأي جمهورك في محتواك أمر هام لتحسين المحتوى الذي تقوم بإنتاجه، حيث تزودك تلك الأراء بما يفضله ذلك الجمهور وماهي افضل الطرق في الوصول لهم وتقديم محتواك بطريقة تضمن ليس فقط استفتادتهم من المحتوى بل ايضاً تفاعلهم معه. تلك الأراء لا تصلك احياناً بطريقة مباشرة، وانما بشكل غير مباشر، اما عن طريق تعليق على المحتوى او عدم تفاعل معه. اما الطرق المباشرة في الاستماع لرأي الجمهور فتكون من خلال استطلاعات الرأي والأسئلة المباشرة وهذه احدى اهم الادوات المفيدة في الحصول على رأي الفئة المستهدفة. على سبيل المثال، بعد نشر سلسلة من المقالات التعليمية، قد تجد أن المقالات التي تحتوي على رسوم بيانية وأشكال توضيحية يتم التفاعل معها من قبل الجمهور بشكل افضل من خلال عدد المشاركات والتعليقات على تلك المقالات. مثل هذه المؤشرات تزودك بمعلومات مفيدة جداً، كأن تعرف بأن جمهورك المستهدف يفضل المعلومات المنظمة والمعروضة بصرياً على تلك النصية فقط، وهذا بالطبع سيساعدك مستقبلاً في اعداد المحتوى المناسب والجذاب لجمهورك.
  5. التكيف مع تطور الجمهور:
    تذكر دائماً ان جمهورك دائم التطور وان ماكنت تكتبه بالأمس لهم قد لا يكون مناسباً ان تكتبه غداً. لذاك كن على اطلاع على المستوى المعرفي والثقافي لجمهورك حيث ان ذلك سيساعدك في اعداد المحتوى المناسب لهم والذي يضمن استفادتهم منه وتفاعلهم معه. على سبيل المثال، إذا كتبت في في البداية لمصورين مبتدئين، مع مرور الوقت، ستكتشف بأن جمهورك أصبحت لديه خبرة في مواضيع التصوير الاساسية. لذا، من الضروري تطوير المحتوى الخاص بك ليشمل تقنيات التصوير المتقدمة وذلك للحفاظ على تفاعل جمهورك وضمان بقائهم مهتمين ومتابعين لما تكتب. تأكد ان جمهورك سيقيم محتواك بشكل مستمر، واذا لم يكن هنالك اي تطوير لمحتواك، ستفقد جمهورك بشكل تدريجي وسيتجه ذلك الجمهور لصانع محتوى آخر يجد لديه مايبحث عنه.

أخيراً، احرص بشكل مستمر على تحسين فهمك لجمهورك، لأن ذلك سيساعدك على إنشاء محتوى أكثر جاذبية للفئة التي تستهدفها، وأنت بذلك لا تكسب فقط تفاعلهم مع محتواك بل ستحولهم إلى متابعين أوفياء ينتظرون محتواك بلهفه وشغف. وتذكر دائماً بأن الجمهور يبحث عن المواضيع التي تثير اهتمامه وتشكل تحديات له، لذا استهدف ذلك الجمهور بما يبحث عنه من مواضيع، وهذا كفيل بأن يجعل جمهورك يشعر بالتقدير والرضا دائماً.

أترك تعليق